فقد يَقع الحكم بترجيح معنى أحد الْأَصْلَيْنِ: فسبيل قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فحج آدم مُوسَى " هَذَا السَّبِيل.
وَقد ظهر هَذَا الْمَعْنى فِي قصَّة آدم - عَلَيْهِ السَّلامُ -: قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعل فِي الأَرْض خَليفَة} فَهَذَا تَصْرِيح بَين الْمَلأ من الْمَلَائِكَة، أَنه خلق آدم للْأَرْض ليَكُون خَليفَة فِيهَا. ثمَّ قَالَ: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تقربا هَذِه الشَّجَرَة} . فَأمره بسكنى الْجنَّة، وَالْمقَام فِيهَا ثمَّ حذره أَن يخرج من الْجنَّة فَقَالَ {فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا من الْجنَّة فتشقى} فَهَل يجوز لمُسلم أَن يحمل هَذِهِ الْأَقْوَال عَلَى التَّنَاقُض والتناسخ. وَمَعْلُوم أَن النّسخ لَا يجْرِي عَلَى الْخَبَر؟ فَإِذا لم يجز ذَلِكَ وَلم يكن فِيهَا وَجه غير الظَّاهِر، علم أَن الْمَعْنى فِيهِ أَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أبطن فِي أَمر آدم - عَلَيْهِ السَّلامُ - سرا من علمه هُوَ صائر إِلَيْهِ لَا محَالة. وَأظْهر لَهُ أمرا وَجب الائتمار لَهُ امتحانا مِنْهُ فَلم يكن يَسعهُ فِي حكم الْأَمر الظَّاهِر الْعِصْيَان، وَلم يكن يُمكنهُ فِي حكم الْقدر الْبَاطِن الْإِتْيَان بِهِ، فجَاء من هَذَا أَن آدم - عَلَيْهِ السَّلامُ - لم يتهيأ لَهُ أَن يستديم سُكْنى الْجنَّة بِأَن لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute