الانبساط، وَقدمنَا الْبَصْرَة سَالِمين، وَإِذا الرجل من جلة أهل الْبَصْرَة ينتابه النَّاس من كل جَانب عَلَى طبقاتهم لتهنئته، وَالسَّلَام عَلَيْهِ وأنزلني حجرَة من دَاره فَكَانَ كل يَوْم يَجِيء ويصبحني، يذهب إِلَى بهو لَهُ يقْعد لسلام النَّاس حَتَّى إِذا انْقَطع النَّاس عَنهُ عَاد إِلَى عِنْدِي، وكل من جَاءَهُ، من أهل الْعلم يُنَوّه بِي عِنْدهم فَإِذا انصرفوا من عِنْده دخلُوا إِلَيّ فهنوني وَرُبمَا ذاكروني حَتَّى كَانَ بعد أَيَّام دخل عَلَيْهِ شخص، ثمَّ انْصَرف من عِنْده، وَدخل عَليّ وَمَعَهُ نفر فألقي إِنْسَان مِنْهُم مَسْأَلَة من الْكَلَام فاعتذرت واستعفيت، وَقلت: لَيْسَ هَذَا من علمي، وَإِنَّمَا كَانَ كدحي فِي الْفِقْه، وَمَا أُرِيد الْخَوْض فِيمَا لَيْسَ لي بِهِ دربة فذنب بعض الْحَاضِرين، وَكلمَة فِي الْمَسْأَلَة فَوَجَدته باقعة حسن التَّصَرُّف فِي الْكَلَام والاحتيال فِي دفع مقَالَة الْخصم، فَأَعْجَبَنِي حسن تصرفه فزهزهت لَهُ فَقَامَ وَخرج، فَلَمَّا كَانَ بعد سَاعَة جَاءَ الشَّيْخ فَذكرت لَهُ مَا أعجبني من كَلَام من تكلم، وحلاوته بقلبي فَقَالَ: هَذَا من أهل الاعتزال فَارق أَصْحَابه، وَعَاد إِلَيْنَا، وَصَارَ يرد عَلَيْهِم بعد طول صحبته لَهُم يُقَال لَهُ: عَليّ بن إِسْمَاعِيل الْأَشْعَرِيّ، فَلَمَّا أمسينا قُمْت فِي اللَّيْل لورد لي، ثمَّ أغفيت بعد ذَلِكَ من آخر اللَّيْل فَرَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَنِّي أتيت الْمَدِينَة فِي ركب من النَّاس زائرين، وَلم يكن فِي الْقَوْم من زار غَيْرِي، وَكنت قريب عهد بالزيارة، فَأَمَرتهمْ فاغتسلوا، ولبسوا أحسن مَا عِنْدهم وَتَقَدَّمت بهم لأزور بهم، فَجئْت إِلَى الْبَاب الَّذِي كنت مِنْهُ فَإِذا هُوَ مصمت لَا خرق فِيهِ فَجئْت إِلَى بَاب آخر فَإِذا هُوَ كَذَلِك
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute