للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَأَرَدْت الرُّجُوع إِلَى أَهلِي قَالَ لي الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق: إِنَّك ترجع إِلَى مرو، ويحدق بك النَّاس للتفقه فيشغلونك، وَمَا حججْت حجَّة الْإِسْلَام، ونفسك تطالبك بذلك فتحتاج أَن تنشيء لَهَا سفرة أُخْرَى، فَإِن كَانَت بقيت مَعَك بَقِيَّة من النَّفَقَة فَقدم الْحَج حَتَّى تَنْصَرِف إِلَى أهلك بقلب فارغ، وَإِن ضَاقَتْ بك النَّفَقَة فعرفني حَتَّى أدبر لَك، فَقلت: بَقِي معي مَا أَرْجُو أَن يقوم بِي، فاكتري لي فِي وسط السّنة، وأوصاهم بِي، وَخَرجْنَا قَاصِدين إِلَى الْمَدِينَة فوصلناها لأيام مضين من رَجَب، فَأَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ بَقِيَّة رَجَب، وَإِلَى النّصْف من شعْبَان، وتهنأنا بالزيارات الَّتِي بهَا، ثمَّ خرجنَا من الْمَدِينَة، وأتينا مَكَّة لأَرْبَع بَقينَ من شعْبَان فصمنا بهَا رَمَضَان، وقضينا نهمتنا من الاعتمار، فَأَقَمْنَا إِلَى وَقت الْحَج، وَسَهل الله تَعَالَى لنا الْحَج، فحين فَرغْنَا مِنْهُ أَشَارَ عَليّ بعض أَصْحَابِي بِالْخرُوجِ عَلَى طَرِيق الْبَصْرَة فَإِنَّهُ أخف فِي الْمُؤْنَة، وَأقرب إِلَى خُرَاسَان فاكتريت وَهَيَّأْت أشغالي، وَخرجت فِي الْبَصرِيين حَتَّى استتب بِنَا السّير، وَإِذا فِي القطار الَّذِي أَنا فِيهِ رجل من فُقَهَاء الْبَصْرَة، ومياسيرها، وأمثالها، وَإِذا القطار بأسره لَهُ والمكارون خدمه، فَكُنَّا ننزل أَوْقَات الصَّلَوَات، وأوقات الرواح نستأنس، ونتذاكر حَتَّى تَأَكد بيني وَبَينه الْأنس، فَأمر جمالي أَن يقطر جملي إِلَى جمله، فَيذْهب أوقاتنا فِي المذاكرة حَتَّى إِذا قربنا من الْبَصْرَة قَالَ لي: أَيهَا الْفَقِيه أَنْت عَلَى جنَاح السّفر وَلست تنوي الْإِقَامَة بِالْبَصْرَةِ، وَإِنَّمَا مكثك فِيهَا قدر مَا تصلح من شؤونك، وَإِنِّي أحب أَن تنزل عِنْدِي أَيَّام مكثك بِالْبَصْرَةِ فَلَا تحْتَاج إِلَى إصْلَاح منزل، فأجبته إِلَى ذَلِكَ لما صَار بَيْننَا من

<<  <  ج: ص:  >  >>