للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِهِ وأكرمه بِهِ من المعجزات، دلّ عَلَى أَن غَيره من الْعباد أَكثر عَجزا وَأَقل إمكانا عَلَى خلق فعل من أَفعاله.

وَلِأَن الْإِنْسَان لَو قدر عَلَى خلق فعل من أَفعاله، أَو حَرَكَة من حركاته، لَكَانَ يُمكنهُ أَن يتغوط وَلَا يَبُول، وينام وَلَا يغمض أجفانه، وَأَن تفتح أجفانه سَاعَة مديدة، لَا يضْرب بَعْضهَا عَلَى بعض، فَلَمَّا لم يُمكنهُ أَن يفعل ذَلِكَ دلّ عَلَى أَن أَفعاله مخلوقة لله تَعَالَى.

فَإِن قيل: يُرِيد بِخلق أَفعاله حركته وسكونه. يُقَال: إِن أَفعَال الْحَيّ مخلوقة، يخلقه لِأَن الْحَيّ لَا يَخْلُو من حَرَكَة وَسُكُون فحركته فعله وسكونه فعله وهما مخلوقان مَعَه فِي ابْتِدَاء خلقه، لِأَن كَمَا وجد فعله مَعَه غير مُنْفَصِل عَنهُ، وَعدم بِعَدَمِهِ فَصَارَ جُزْءا من أَجزَاء ذَاته. فخالق كل جُزْء من أَجزَاء ذَاته، وكل صفة من صِفَات ذَاته.

لِأَن الْجُزْء من أَجزَاء الذَّات هُوَ الذت بِعَيْنِه، وَكَذَلِكَ الصّفة الذاتية هِيَ الذَّات بِعَينهَا فَلَا يجوز أَن يكون الله تَعَالَى خَالِقًا لبَعض الذَّات، وَلَا يكون خَالِقًا لبعضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>