للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاحْتج قَائِل هَذِه الْمقَالة بقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يشْهد إِن الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ} لما قَالُوا بألسنتهم قولا لم تعتقده قُلُوبهم شهد اللَّه بتكذيبهم، ثُمَّ قَالَ: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جنَّة} ، يَقُول: مَانِعَة من الْقَتْل اجتنوا بهَا وتحصنوا، فحقنوا دِمَاءَهُمْ، فَأخْبر أَن ذَلِك ينجيهم: من الْقَتْل.

وَقد أخبر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَن بَاطِن أُمُورهم، ووصفهم بِمَا يدل عَلَى ظَاهِرهمْ فَقَالَ: {وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تسمع لقَولهم كَأَنَّهُمْ خشب مُسندَة} فوصفهم من قلَّة الْفَهم وَضعف الْعقل بِمَا لَا غَايَة وَرَاءه.

قَالُوا: فإِنما يكمل الإِيمان بِتَصْدِيق الْقلب، فإِنهم لما أقرُّوا بألسنتهم وَلم تعتقد عَلَيْهِ قُلُوبهم، لم يكن نَافِعًا لَهُم، وَمَعَ هَذَا يُرَاعِي الْأَعْمَال بأوقاتها، فيقيم الصَّلَاة فِي وَقت وُجُوبهَا ويؤتي الزَّكَاة فِي وَقت حلولها، وَيُؤَدِّي كل شَرِيعَة فِي وَقت وُجُوبهَا، فَإِذَا استقام إِقراره بِلِسَانِهِ وَتمّ تَصْدِيقه بِقَلْبِه، واعتقد الإِيمان بِالْأَعْمَالِ، ثُمَّ رعى أَوْقَاتهَا فَقَامَ بأدائها فقد كمل لَهُ الإِيمان، فَإِن نقص من هَذَا شَيْء نقص إِيمانه بِقدر مَا نقص من ذَلِك، فَإِن زَاد مَعَ الشَّرَائِع الْمَفْرُوضَة فَضَائِل من نوافل الْخَيْر زَاد إِيمانه، فوصفوا الإِيمان بِشَيْء يكمل بِأَدَائِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>