الرّيح. قَالَ فَأَخذه فَجعله فِي سفط وَختم عَلَيْهِ وَدفعه إِلَى امْرَأَته، ثمَّ أحسن إِلَيْهَا ثمَّ سَافر فَجَاءَهَا جاراتها فَقُلْنَ: يَا أم فلَان: بِمَ كَانَ زَوجك يحسن الصنيعة إِلَيْك؟ فَهَل استودعك شَيْئا؟ قَالَت: نعم. هَذَا السفط. قُلْنَ فَإِن فِيهِ رَأس خَلِيلَة لَهُ. فَقَامَتْ غيورة مغضبة حَتَّى كسرت الْخَتْم، وفتحته، فَإِذا فِيهِ قحف رَأس. قُلْنَ: تدرين يَا أم فلَان مَا تصنعين؟ أحرقيه ثمَّ ذريه فِي الرّيح. فَفعلت ذَلِك، فَقدم زَوجهَا من سَفَره فَقَالَ لَهَا: مَا صنع السفط؟ فَحَدَّثته بِالْحَدِيثِ؟ فَقَالَ: آمَنت بِاللَّه وصدقت بِالْقدرِ. وَرجع عَن قَوْله.
قَالَ أَبُو المظفر السَّمْعَانِيّ: قد ذكرنَا أَن سَبِيل معرفَة هَذَا الْبَاب التَّوْقِيف من قبل الْكتاب وَالسّنة، دون مَحْض الْقيَاس، وَمُجَرَّد الْمَعْقُول فَمن عدل عَن التَّوْقِيف فِي هَذَا الْبَاب، ضل وتاه فِي بحار الْحيرَة، وَلم يبلغ شِفَاء النَّفس، وَلَا وصل إِلَى مَا يطمئن بِهِ الْقلب. وَذَلِكَ لِأَن الْقدر سر من سر الله وَعلم من علمه. ضربت دونه الأستار، وكفت عَلَيْهِ الأزرار، واختص الله بِهِ علام الغيوب. حجبه عَن عقول الْبشر ومعارفهم، لما علم من الْحِكْمَة. وسبيلنا أَن ننتهي إِلَى مَا حد لنا فِيهِ، وَأَن لَا نتجاوز إِلَى مَا وَرَاءه. فالبحث عَنهُ تكلّف، والاقتحام فِيهِ تعمق وتهور.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute