للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَذَلِكَ قَالُوا: كَمَا لَا يجوز الركون إِلَى الدُّنْيَا، كَذَلِك لَا يجوز إِبْطَالهَا حَتَّى يكْتَسب بهَا النّظر إِلَى التَّقْدِير وَالْإِذْن.

فالأبدان كلهَا مضطرة إِلَى الْأَسْبَاب أبدا، وَذَلِكَ فِي أهل السَّمَاوَات وَالْأَرْض. اضطرهم الله جَمِيعًا إِلَى الْأَسْبَاب وَإِن تفاوتت وجوهها فِي قلتهَا وَكَثْرَتهَا، وزيادتها ونقصانها.

وَأما الْقُلُوب، فَإِنَّهَا مضطرة إِلَى مسبب الْأَسْبَاب وَحده. أما ترى أَن أهل الدُّنْيَا اضطروا إِلَى الْأَسْبَاب من الْأَمْكِنَة، والأغذية، واللباس، وَسَائِر مَا يرجع إِلَى معاشهم، فَهَذَا لأبدانهم. واضطرت الْقُلُوب إِلَى أَن الله تَعَالَى وَحده خَالق الدُّنْيَا ومالكها.

وَإِن الْأَسْبَاب عاملة بِإِذن الله. فَمَا أذن الله تَعَالَى لشَيْء كَانَ من غير سَبَب، وَإِذا لم يَأْذَن للسبب لم يعْمل. فَالنَّار بِإِذْنِهِ تحرق فَإِذا أذن لَهَا أَن تمْتَنع من الإحراق امْتنعت، كَمَا أذن لنار إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام.

وَالْمَاء بِإِذْنِهِ يغرق، فَإِذا أذن لَهُ أَن يمْتَنع من الإغراق امْتنع،

<<  <  ج: ص:  >  >>