للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنْهُم أَن ينْتَقل عَن مذْهبه كل يَوْم كَذَا وَكَذَا مرّة، لما يُورد عَلَيْهِ من الإلزامات، وتراهم ينقطعون فِي الْحجَّاج وَلَا ينتقلون، وَهَذَا هُوَ الدَّلِيل عَلَى أَنه لَيْسَ قصدهم طلب الْحق. إِنَّمَا طريقهم إتباع الْهوى فَحسب.

وَمن قَبِيح مَا يلْزمهُم فِي اعْتِقَادهم، أَنا إِذا بَينا الْحق عَلَى مَا قَالُوهُ، وأوجبنا طلب الدّين بِالطَّرِيقِ الَّذِي ذَكرُوهُ، وَجب من ذَلِكَ تَكْفِير الْعَوام بأجمعهم لأَنهم لَا يعْرفُونَ إِلَّا الِاتِّبَاع الْمُجَرّد. وَلَو عرض عَلَيْهِم طَرِيق الْمُتَكَلِّمين فِي معرفَة الله تَعَالَى، مَا فهمه أَكْثَرهم، فضلا من أَن يصير فِيهِ صَاحب اسْتِدْلَال وحجاج، وَإِنَّمَا غَايَة توحيدهم الْتِزَام مَا وجدوا عَلَيْهِ سلفهم، وأئمتهم فِي عقائد الدّين والعض عَلَيْهَا بالنواخذ، والمواظبة عَلَى وظائف الْعِبَادَات، وملازمة الْأَذْكَار بقلوب سليمَة طَاهِرَة عَن الشُّبُهَات والشكوك. تراهم لَا يحيدون عَمَّا اعتقدوه، وَإِن قطعُوا إربا إربا.

فهنيئا لَهُم هَذَا الْيَقِين وطوبى لَهُم هَذِهِ السَّلامَة، فَإِذا كفرُوا هَؤُلاءِ وَهُوَ السوَاد الْأَعْظَم وَجُمْهُور الْأمة، فَمَا هَذَا إِلَّا طي بِسَاط الْإِسْلَام، وَهدم منار الدّين وأركان الشَّرِيعَة، وإلحاق هَذِه الدَّار بدار الْكفْر وَجعل أهليها بِمَنْزِلَة وَاحِدَة، وَمَتى يُوجد فِي الألوف من الْمُسلمين عَلَى الشَّرْط الَّذِي يراعونه بتصحيح معرفَة الله تَعَالَى؟ أَو لَا يجد مُسلم ألم هَذِهِ الْمقَالة القبيحة الشنيعة؟ ، وَالله تَعَالَى يَكْفِي أهل السّنة وَالْجَمَاعَة شرهم وَيرد كيدهم فِي نحرهم، وَيلْحق بهم عَاقِبَة مَكْرهمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>