للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشَّيْطَان فألقاها عَلَى أَفْوَاه أوليائه ليختلفوا، وَيَرْمِي بَعضهم بَعْضًا بالْكفْر فَكل مَسْأَلَة حدثت فِي الْإِسْلَام فَخَاضَ فِيهَا النَّاس فَتَفَرَّقُوا وَاخْتلفُوا، فَلم يُورث ذَلِكَ الِاخْتِلَاف بَينهم عَدَاوَة وَلَا بغضاء وَلَا تفَرقا، وَبقيت بَينهم الألفة، والنصيحة، والمودة، وَالرَّحْمَة، والشفقة، علمنَا أَن ذَلِكَ من مسَائِل الْإِسْلَام يحل النّظر فِيهَا، وَالْأَخْذ بقول من تِلْكَ الْأَقْوَال لَا يُوجب تبديعاً، لَا تكفيرا كَمَا ظهر مثل هَذَا الِاخْتِلَاف بَين الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ مَعَ بَقَاء الألفة والمودة، فَكل مَسْأَلَة حدثت فَاخْتَلَفُوا فِيهَا فأورث اخْتلَافهمْ فِي ذَلِكَ التولي والإعراض، والتدابر والتقاطع، وَرُبمَا ارْتقى إِلَى التفكير، علمت أَن ذَلِكَ لَيْسَ من أَمر الدّين فِي شَيْء بل يجب عَلَى كل ذِي عقل أَن يجتنبها، ويعرض عَن الْخَوْض فِيهَا، لِأَن الله شَرط فِي تمسكنا بِالْإِسْلَامِ أَنا نصبح فِي ذَلِكَ إخْوَانًا فَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {واذْكُرُوا نعْمَة اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبكُمْ فأصبحتم بنعمته إخْوَانًا} .

فَإِن قَالَ قَائِل: إِن الْخَوْض فِي مسَائِل الْقدر وَالصِّفَات، وَشرط الْإِيمَان يُورث التقاطع والتدابر وَالِاخْتِلَاف، فَيجب طرحها، والإعراض عَنْهَا عَلَى مَا زعمتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>