مَوْضُوع اللُّغَة فقد خَالف طَريقَة الْعَرَب، وَالْقُرْآن عَرَبِيّ، وَلَو كَانَ الاسْتوَاء عَلَى الْعَرْش بِمَعْنى الاسْتوَاء إِلَى الْعَرْش لقَالَ تَعَالَى: إِلَى الْعَرْش اسْتَوَى.
قَالَ أهل السّنة: الاسْتوَاء هُوَ الْعُلُوّ: قَالَ الله تَعَالَى {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَك على الْفلك} وَلَيْسَ للاستواء فِي كَلَام الْعَرَب معنى إِلَّا مَا ذكرنَا، وَإِذا لم يجز الْأَوْجه الثَّلَاثَة لم يبْق إِلَّا الاسْتوَاء الَّذِي هُوَ مَعْلُوم كَونه مَجْهُول كيفيته، واستواء نوح عَلَى السَّفِينَة مَعْلُوم كَونه مَعْلُوم كيفيته لِأَنَّهُ صفة لَهُ، وصفات المخلوقين مَعْلُومَة كيفيتها. واستواء الله عَلَى الْعَرْش غير مَعْلُوم كيفيته لِأَن الْمَخْلُوق لَا يعلم كَيْفيَّة صِفَات الْخَالِق لِأَنَّهُ غيب وَلَا يعلم الْغَيْب إِلَّا الله، وَلِأَن الْخَالِق إِذا لم يشبه ذَاته ذَات الْمَخْلُوق لم يشبه صِفَاته صِفَات الْمَخْلُوق فَثَبت أَن الاسْتوَاء مَعْلُوم، وَالْعلم بكيفيته مَعْدُوم فَعلمه موكول إِلَى الله تَعَالَى، كَمَا قَالَ: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا الله} .
وَكَذَلِكَ القَوْل فِيمَا يضارع هَذِهِ الصِّفَات كَقَوْلِه تَعَالَى: {لما خلقت بيَدي} وَقَوله: {بل يَدَاهُ مبسوطتان} وَقَوله: {وَيبقى وَجه رَبك} وَقَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute