للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْخطابِيّ: " وَمِمَّا جرت بِهِ عَادَة الْحُكَّام فِي تَغْلِيظ الْأَيْمَان وتوكيدها إِذَا حلفوا الرجل أَن يَقُولُوا: بِاللَّه الطَّالِب الْغَالِب الْمدْرك المهلك، فِي نظائرها، وَلَيْسَ يسْتَحق شَيْء من هَذِه أَن يُطلق فِي بَاب صِفَات اللَّه سُبْحَانَهُ وأسمائه. وَإِنَّمَا استحسنوا ذكرهَا فِي الْأَيْمَان ليَقَع الردع بهَا فَيكون أدنى أَن لَا يسْتَحل حق أَخِيه بِيَمِين كَاذِبَة، لِأَنَّهُ إِذَا توعد بالطالب وَالْغَالِب استشعر الْخَوْف وارتدع عَنِ الظُّلم إِذَا كَانَ يعلم أَن اللَّه سُبْحَانَهُ سيطالبه بِحَق أَخِيه، وَأَنه سيغلبه عَلَى انْتِزَاعه مِنْهُ وإِذَا قَالَ: الْمدْرك المهلك علم أَنه مدركه إِذَا طلبه، ويهلكه إِذَا عاقبه، وَإِنَّمَا أضيف هَذِه الْأَفْعَال إِلَيْهِ عَلَى معنى المجازاة مِنْهُ لهَذَا الظَّالِم عَلَى مَا يستبيحه من حق أَخِيه الْمُسلم فَلَو جَازَ أَن يعد ذَلِك فِي أَسْمَائِهِ وَصِفَاته لجَاز أَن يعد فِي أَسْمَائِهِ المخزي والمضل، لِأَنَّهُ قَالَ: {وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافرين} . وَقَالَ: {كَذَلِك يضل الله من يَشَاء} فَإِذا لم يدْخل مثل هَذَا من صِفَاته لِأَنَّهُ كَلَام لم يرصد للمدح وَالثنَاء عَلَيْهِ، لم يدْخل مَا ذَكرْنَاهُ فِيهِ، قَالَ: وَمِمَّا جَاءَ فِي الحَدِيث مِمَّا لَا يُؤمن وُقُوع الْغَلَط فِيهِ قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

٥٣ - " فَإِن اللَّه هُوَ الدَّهْر " لَا يجوز أَن يتَوَهَّم متوهم أَن الدَّهْر من أَسمَاء اللَّه تَعَالَى، وَإِنَّمَا معنى هَذَا الْكَلَام: أَن أهل الْجَاهِلِيَّة كَانَ من عَادَتهم إِذَا أصَاب الْوَاحِد

<<  <  ج: ص:  >  >>