للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٠ - قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي "تَارِيخِهِ":

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي حَارِثَةَ وَأَبِي عُثْمَانَ، قَالَا: لمَّا قَدِمَ مَسِيرَةُ أَهْلِ الكُوفَةِ (٨٩) عَلَى مُعَاوِيَةَ أَنْزَلَهُمْ دَارًا، ثُمَّ خَلَا بِهِمْ، فقَالَ لَهُمْ وَقَالُوا لَهُ، فَلَمَّا فَرَغُوا قَالَ: لَمْ تُؤتَوْا إِلَّا مِنَ الحُمْقِ، وَاللَّهِ مَا أَرَى مَنْطِقًا سَدِيدًا، وَلَا عُذْرًا مُبِينًا، وَلَا حِلْمًا ولَا قُوَّةً، وإِنَّك يَا صَعْصَعَةُ لَأَحْمَقهُمْ، اصْنَعُوا وَقُولُوا مَا شِئْتُم مَا لَمْ تَدَعُوا شَيْئًا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ كُلَّ شَيءٍ يُحْتَمَلُ لَكُمْ إِلَّا مَعْصِيتَهُ، فَأَمَّا فِيمَا بِيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فَأَنْتُمْ أُمَرَاءُ أَنْفُسِكُمْ، فَرَآهُم بَعْدُ وَهُمْ يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ وَيَقِفُونَ مَعَ قَاصِّ الجَمَاعَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِم يَوْمًا وَبَعْضُهُمْ يُقْرِئُ بَعْضًا، فَقَالَ: إِنَّ فِي هَذَا لخلفًا مِمَّا قَدِمْتُمْ بِهِ عَلَيَّ مِنَ النَّزَاعِ إِلَى أَمْرِ الجَاهِلِيَّةِ، اذْهَبُوا حَيْثُ شِئتُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِنْ لَزِمْتُمْ جَمَاعَتَكُمْ سَعِدتُّمْ بِذَلِكَ دُونَهُمْ، وَإِنْ لَمْ تَلْزَمُوهَا شَقِيتُمْ بِذَلِكَ دُونَهُم، وَلَمْ تَضُرُّوا أَحَدًا فَجَزَوْهُ خَيْرًا وَأَنْتَوا عَلَيْهِ، فقَالَ: يَابْنَ الكواءِ أَيُّ رَجُلَ أنَا؟ قَالَ: بَعِيدُ الثَّرَى، كَثِيرُ المرْعَى، طَيِّبُ البَدِيهَةِ، بَعِيدُ الغَوْرِ، الغَالِبُ عَلَيكَ الحِلْمُ، رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ، صُدَّتْ بِكَ فُرْجَةٌ مُخَوِّفةٌ. قَالَ: فَأَخْبِرنِي عَنْ أَهْلِ الأحْدَاثِ مِنْ أَهْلِ الأَمْصَارِ فَإنَّكَ أعْقَلُ أَصْحَابِكَ. قَالَ: كَاتَبْتُهُمْ وَكَاتَبُونِي، وَأَنْكَرُونِي وَعَرَفْتُهُمْ،


= وفيه سيف بن عمر، ضعفه يحيى بن معين والنسائي والدارقطني، وقال أبو حاتم: متروك الحديث يشبه حديثه حديث الواقدي، وقال أبو داود: ليس بشيء، قال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الأثبات. وانظر "تهذيب الكمال" (١٢/ ٣٢٤ - ٣٢٦).
(٨٩) الكوفة: وكانت تسمى أحد العراقين، تقع الكوفة على نهر الفرات، وعلى مسافة ثمانية كيلو مترات من مدينة النجف، و ٥٦ اكيلو مترٍ من بغداد، وستين كيلو مترًا جنوبي مدينة كربلاء. وأرضها سهلة عالية، ترتفع عن سطح البحرب ٢٢ مترًا، وشاطئها الغربي أعلى من الشرقي بستة أمتار تقريبًا، مما يجعلها في مأمن من الفيضانات قديمًا وحديثًا.
وكلما سرنا غربًا ارتفعت الأرض عن سطح البحر تدريجيًا لتصل إلى ستين مترًا ونصف، ثم تنحدر انحدارًا شديدًا نحو الجنوب الغربي لتمتد إلى بحيرة مالحة ضحله عرفت ببحر النجف غربًا. "المعالم الجغرافية الواردة في السيرة النبوية" (ص ٢٦٧).

<<  <   >  >>