أَبْصَرَ ذَلِكَ صَاحِبُ القُسْطَنْطِينِيَّة وَجَّهَ فِي البَرِّ إِلَى قِنِّسْرِينَ سِتَّمِئَةِ أَلْفٍ، حَتَّى تَجِيئَهُمْ مَادَّةُ اليَمَنِ سَبْعِينَ أَلْفًا أَلَّفَ اللَّهُ قلُوبَهُمْ بِالإِيمَانِ، مَعَهُمْ أَرْبَعُونَ أَلْفًا مِنْ حِمْيَرَ حَتَّى يَأْتُوا بَيْتَ المَقْدِسِ فَيُقَاتِلُونَ الرُّومَ، فَيَهْزِمُونَهُمْ وَيُخْرِجُونَهُمْ مِنْ جُنْدٍ إِلَى جُنْدٍ حَتَّى يَأْتُوا قِنِّسْرِينَ، وَتَجِيئُهُمْ مَادُّةُ المَوَالِي". قَالَ: قُلْتُ: وَمَا مَادَّةُ المَوَالِي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "هُمْ عَتَاقَتُكُمْ، وَهُمْ مِنْكُمْ، قَوْمٌ يَجِيئُونَ مِنْ قِبَلِ فَارِسٍ، فَيَقُولُونَ: تَعَصَّبْتُمْ يَا مَعْشَرَ العَرَبِ، لَا تَكُونُ مَعَ أَحَدٍ مِنَ الفَرِيقَيْنِ، أَوْ تَجْتَمعَ كَلِمَتُكُمْ، فَتُقَاتِلُ نِزَارُ يَوْمًا، وَاليَمَنُ يَوْمًا، وَالمَوَالِي يَوْمًا، فَتُخْرِجُونَ الرُّومَ إِلَى العُمْقِ، وَيَنْزِلُ المُسْلِمُونَ عَلَى نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ كَذَا وَكَذَا يُعْزَى، وَالمُشْرِكُونَ عَلَى نَهْرٍ يُقَالُ لَهُ: الرَّقَيَةُ -وَهُوَ: النَّهْرُ الأَسْوَدُ- فَيُقَاتِلُونَهُمْ، فَيَرْفَعُ اللَّه تَعَالَى نَصْرَهُ عَنِ العَسْكَرَيْنِ، وَيُنَزِّلُ صَبْرَهُ عَلَيْهمَا حَتَّى يُقْتَلَ مِنَ المُسْلِمِينَ الثُّلُثُ، وَيفِرَّ ثُلُثٌ، وَيَبْقَى الثُّلُثُ، فَأَمّا الثُّلُثُ الَّذِينَ يُقْتَلُونَ فَشَهِيدُهُمْ كَشَهِيدِ عَشْرَةٍ مِنْ شُهَدَاءِ بَدْرٍ، يَشْفَعُ الوَاحِدُ مِنْ شُهَدَاءِ بَدْرٍ لِسَبْعِينَ، وَشَهِيدُ المَلَاحِمِ يَشْفَعُ لِسَبْعِمئَةٍ، وَأَمَّا الثُّلُثُ الَّذِينَ يَفِرُّونَ فَإِنَّهُمْ يَفْتَرِقُونَ ثَلَاثَةَ أثْلَاثٍ؛ ثُلُثٌ يَلْحَقُونَ بِالرُّومِ وَيَقُولُونَ: لَوْ كَانَ لِلَّهِ بِهَذَا الدِّينِ مِنْ حَاجَةٍ لَنَصَرَهُمْ، وَهُمْ مُسْلِمَةُ العَرَبِ: بِهَزًا وتَنُّوخَ وَطَيِّء وَسُلَيْمَ، وَثُلُثٌ يَقُولُونَ: مَنَازِلُ آبَائِنَا وَأَجْدَادِنَا خَيْرٌ لَا تَنَالُنَا الرُّومُ أَبَدًا، مُرُّوا بِنَا إِلَى البَدْوِ، وَهُمُ الأَعْرَابُ، وَثُلُثٌ يَقُولُونَ: إِنّ كُلَّ شَيْءٍ كَاسْمِهِ، وَأَرْضُ الشَّامِ كَاسْمِهَا الشُّؤْمُ، فَسِيرُوا بِنَا إِلَى العِرَاقِ وَاليَمَنِ وَالحِجَاز حَيْثُ لَا نَخَافُ الرُّومَ، وَأَمَّا الثُّلُثُ البَاقِي فَيَمْشِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ يَقُولُونَ: اللَّه اللَّه دَعُوا عَنْكُمُ العَصَبِيَّةَ، وَلِتَجْتَمعَ كَلِمَتَكُمْ وَقَاتِلُوا عَدُوّكُمْ؛ فَإِنَّكُمْ لَنْ تُنْصَرُوا مَا تَعَصَّبْتُمْ، فَيَجْتَمِعُونَ جَمِيعًا وَيَتَبَايَعُونَ عَلَى أَنْ يُقَاتِلُوا حَتَّى يَلْحَقُوا بِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ قُتِلُوا، فَإِذَا أَبْصَرَ الرُّومُ إِلَى مَنْ قَدْ تَحَوَّلَ إِلَيْهِمْ وَمَنْ قُتِلَ، وَرَأَوْا قلَّةَ المُسْلِمِينَ، قَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute