= غيره وليَّا أتريدان أن ترداني عن معرفة ربي وعبادتي إياه هو اللَّه لا إله إلا هو ربي وربكما ورب كل شيء، ونبيي محمد، وديني الإسلام. فإذا قال ذلك ثلاث مرات مجاوبة لهما تواضعا حتى يستأنس إليهما أحسن ما يكون في الدنيا إلى أهل وده وقرابته فيقولان: صدقت وبررت، وفقك اللَّه وثبتك، أبشر بالجنة وكرامة اللَّه، ثم يدفعان قبره فيتسع عليه مد البصر، ويفتحان له بابًا إلى الجنة، فيدخل عليه من ريح الجنة وطيب نسيمها ونورها ما يعرف به كرامة اللَّه، فإذا رأى ذلك استيقن الفوز وحمد اللَّه، فيفرشان له فراشًا من استبرق الجنة، ويضعان له مصباحًا من نور عند رأسه، ومصباحًا من نور عند رجليه يزهران له في قبره بأضوأ من الشمس لا يطفئان عنه إلى يوم القيامة حتى يبعث من قبره، ثم يدخل عليه من الجنة ريح فحين يشمها يغشاه النعاس وينام ويقولان له: ارقد رقدة العروس، قرير العين، لا خوف عليك ولا حزن، ثم يمثلان له عمله الصالح في أحسن صورة وأطيب ريح فيكون عند رأسه ويقولان: هذا عملك الصالح، وكلامك الطيب قد مثله اللَّه في أحسن ما ترى من صورة يريك في قبرك فلا تكون وحيدًا ويدرأ عنك هوام الأرض وكل أذى، ولا يخذلك في قبرك، ولا في شيء من مواطن القيامة حتى يدخلك الجنة برحمة ربك، فنم سعيدًا طوبى لك وحسن مآب، ثم يسلمان عليه وينصرفان عنه. قلت: "يا جبريل لقد شوقتني إلى الموت من حسن حديثك فأدنني من ملك الموت، فأدناني فسلمت عليه". وقال له جبريل: هذا محمد نبي الرحمة الذي أرسله اللَّه في العرب رسولًا نبيًا، فرحب بي وحياني بالسلام، وأنعم بشاشتي، وأحسن بشراي ثم قال: أبشر يا محمد فإن إليك الخير كله في أمتك. فقلت: "الحمد للَّه المنان بالنعم، ذلك من رحمة ربي لي ونعمته علي. قلت: ما هذا اللوح الذي بين يديك يا ملك الموت؟ " قال: مكتوب فيه آجال الخلق. قلت: "أفلا تخبرني عمن قبضت روحه في الدهور الخالية". قال: تلك الأرواح في ألواح أخرى قد علمت عليها، وكذلك أصنع بكل ذي روح إذا قبضت روحه علمت عليه. فقلت: "يا ملك الموت فكيف تقدر على قبض أرواح جميع من في الأرض أهل بلادها وكورها وما بي مشارقها ومغاربها؟ " قال: ألا ترى أن الدنيا كلها بين ركبتي، وجميع الخلائق بي عيني ويداي يبلغان المشرق والمغرب وخلفهما بعيدًا، فإذا نفذ أجل عبد نظرت إليه فإذا أبصر أعواني من الملائكة نظري إلى عبد من عبيد اللَّه عرفوا أنه مقبوض، فعمدوا إليه فبطشوا به يعالجون من نزع روحه، فإذا بلغت الروح الحلقوم علمت ذلك، ولا يخفى علي من أمره شيء، مددت يدي إليه فانتزعت روحه من جسده وأقبضه، فذلك أمري وأمر ذوي الأرواح من عباد اللَّه. "فأبكاني حديثه ثم جاورناه فمررت بملك عظيم ما رأيت من الملائكة خلقًا مثله، كالح الوجه، كريه المنظر، شديد البطش، ظاهر الغضب، فلما نظرت إليه رعبت فقلت: يا جبريل من هذا فإني قد رعبت منه رعبًا شديدًا؟ " قال: لا تعجب أن ترعب منه يا محمد، فكلنا بمنزلتك من الرعب منه، هذا =