للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= بين بحر النار إلى بحر الماء الصافين والصفوف بعد الصفوف كأنهم بنيان مرصوص متضايقين بعضهم في بعض، ثم ما رأيت خلفهم نحوهم مصطفون صفوفًا بعد صفوف، وفيما بينهم وبين الآخرين من البعد والأمد والنأي؟ " فقال: يا رسول اللَّه أما تسمع ربك يقول في بعض ما نزل عليك {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} وأخبرك عن الملائكة أنهم قالوا: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)} فالذين رأيت في بحور عليين هم الصافون حول العرش إلى منتهى السماء السادسة، وما دون ذلك هم المسبحون في السموات، والروح رئيسهم الأعظم كلهم، ثم إسرافيل بعد ذلك فقلت: "يا جبريل فمن الصف الأعلى الذي في البحر الأعلى فوق الصفوف كلها الذين أحاطوا بالعرش واستداروا حوله؟ " فقال جبريل: يا رسول اللَّه إن الكروبيين هم أشرف الملائكة وعظماؤهم ورؤساؤهم، وما يجترئ أحد من الملائكة أن ينظر إلى ملك من الكروبيين، ولو نظرت الملائكة الذين في السموات والأرض إلى ملك واحد من الكروبيين لخطف وهج نورهم أبصارهم، ولا يجترئ ملك واحد من الكروبيين أن ينظر إلى ملك واحد من أهل الصف الأعلى الذين هم أشراف الكروبيين وعظماؤهم، وهم أعظم شأنًا من أن أطيق صفتهم لك، وكفى بما رأيت فيهم. "ثم سألت جبريل عن الحجب، وما كنت أسمع من تسبيحها وتمجيدها وتقديسها للَّه تعالى فأخبرني عنها حجابًا حجابًا، وبحرًا بحرًا، وأصناف تسبيحها بكلام كثير فيه العجب كل العجب من الثناء على اللَّه والتمجيد له، ثم طاف بي جبريل في الجنة بإذن اللَّه فما ترك مكانًا إلا أرانيه وأخبرني عنه، فلأنا أعرف بكل درجة وقصر وبيت وغرفة وخيمة وشجرة ونهر وعين مني بما في مسجدي هذا، فلم يزل يطوف بي حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى". فقال: يا محمد، هذه الشجرة التي ذكرها اللَّه تعالى فيما أنزل فقال: {عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى} لأنها كان ينتهي إليها كل ملك مقرب ونبي مرسل، لم يجاوزها عبد من عباد اللَّه قط غيرك، وأنا في سببك مرتي هذه، وأما قبلها فلا، وإليها ينتهي أمر الخلائق بإذن اللَّه وقدرته، ثم يقضي اللَّه فيه بعد ذلك ما يشاء. "فنظرت إليها فإذا ساقها في كثافة لا يعلمها إلا اللَّه وفرعها في جنة المأوى، وهي أعلى الجنات كلها، فنظرت إلى فرع السدرة فإذا عليها أغصان نابتة أكثر من تراب الأرض وثراها، وعلى الغصون ورق لا يحصيها إلا اللَّه، وإذا الورقة الواحدة من ورقها مغطية الدنيا كلها، وحملها من أصناف ثمار الجنة ضروب شتى، وأصناف شتى، وطعوم شتى، وعلى كل غصن منها ملك، وعلى كل ورقة منها ملك، وعلى كل ثمرة منها ملك يسبحون اللَّه بأصوات مختلفة وبكلام شتى" ثم قال جبريل: أبشر يا رسول اللَّه فإن لأزواجك ولولدك ولكثير من أمتك تحت هذه الشجرة ملكًا كبيرًا وعيشًا خطيرًا في أمان لا خوف عليكم فيه ولا تحزنون. "فنظرت فإذا نهر يجري من أصل الشجرة ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، ومجراه على رضراض در وياقوت وزبرجد حافتاه مسك =

<<  <   >  >>