للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

{فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا} (٦٥) جِبْرِيلُ عَلِيْه السَّلام فَأَخَذَ رُّدْنَ قَمِيصِهَا بِأُصْبِعِهِ فَنَفَخَ فِيهِ، فَحَمَلَتْ مِنْ سَاعَتِهَا بِعِيسَى عَلِيْه السَّلام، فَلَمَّا وَجَدَتْ حِسَّ الحَمْلِ، انْتَبَذَتْ بهِ مَكَانًا قَصِيًّا، وَهُوَ وَادِي بَيْتِ لَحْمٍ، قَالَ لَهَا جِبْرِيلُ عَلِيْه السَّلام: {وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} قَالَ: وَكَانَ جِذْعًا يَابِسًا، فَعَجَبْتُ مَرْيَمُ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ جِذْعًا نَخِرًا لَا سَعْفَ فِيهِ، فَلَمَّا هَزَّتْهُ نَظَرَتْ إِلَى أَعْلَاهُ، فَإِذَا السَّعْفُ قَدِ اطَّلَعَ مِنَ الجِذْعِ أَخْضَرُ كَأَنَّهُ السّلْقُ، ثُمَّ نَظَرَتْ إِلَى الطَّلْع يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ السّعْفِ وَقَدِ اخْضَّرَ بَعْدَ البَيَاضِ فَصَارَ بَلَحًا، ثُمَّ نَظَرَتْ إِلَى البَلَحِ وَقَدِ احْمَرَّ بَعْدَ الخُضْرَةِ فَصَارَ زَهْوًا، وَهُوَ البُسْرُ، ثُمَّ نَظَرَتْ إِلَى البُسْرِ الأَحْمَرِ قَدْ صَارَ رُّطَبًا، كُلُّ ذَلِكَ فِي طَرْفَةِ عَيْني قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْهَا طَرْفُهَا، فَجَعَلَ الرُّطَبُ يَقَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا فِي أَقْمَاعِهِ، وَلَا يَنْشَدِخُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَطَابَتْ نَفْسُهَا، وَقَالَتْ: لَيْسَ وِلَادَتِي الغُلَامَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ بِأَعْجَبَ مِنْ هَذَا الجِذْعِ البَالِي، اطَّلَعَ فِيهِ السّعْفُ، ثُمَّ الطَّلْعُ، ثُمَّ البَلَحُ، ثُمَّ صَارَ بُسْرًا، ثُمَّ رُّطَبًا. قَالَ: {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} (٦٦) وَإنَّمَا خَرَجَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ صُبْحًا تُشْرِقُ الشَّمْسُ لَيْسَ بِهَا قلبةٌ، فَجَاءَتْ عِنْدَ الظُّهْرِ وَمَعَهَا صَبِيٌّ تَحْمِلُهُ، فَكَانَ الحَمْلُ وَالوِلَادَةُ فِي ثَلَاثِ سَاعَات مِنَ النَّهَارِ، وَكَانَتْ مَرْيَمُ قَدْ حَاضَتْ قَبْلَ ذَلِكٍ حَيْضَتَيْنِ، قَالَ فَقَالُوا لَهَا: {يَاأُخْتَ هَارُونَ} وَذَلِكَ أَنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ عَابِدَةً، وَكَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلٌ عَابِدٌ يُقَالُ لَهُ: هَارُونْ، يَوْمَ مَاتَ تَبِعَ جِنَازَتَهُ أَرْبَعُونَ أَلْفًا مِنَ النَّاسِ كُلُّهُمُ اسمُهُ هَارُونْ، سِوَى مَنْ لَيْسَ اسمُهُ هَارُونْ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ سَمَّوا أَبْنَاءَهُمْ بِاسمِهِ مَحَبَّةً لَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {يَاأُخْتَ هَارُونَ} (٦٧) فِي العِبَادَةِ، وَكَانَ مَا قَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْنَا مِنْ خَبَرِهِ، كُلُّ هَذِهِ الآيَاتِ فِي بَيْتِ المقْدِسِ.


(٦٥) مريم: ١٧.
(٦٦) مريم: ٢٧.
(٦٧) مريم: ٢٨.

<<  <   >  >>