للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قُلْتُ فَإِنِّي أَفْعَلُ. قَالَ: فَإِذَا بَلَغَ الظِّلُّ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا فَأيْقِظْنِي إِذَا غَلَبَتْنِي عَيْنِي. فَنَامَ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا لَمْ يَنَمْ مُذْ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ ذَلِكَ؛ لَأَدَعَنَّهُ يَنَامُ حَتَّى يَشْتَفِي مِنَ النَّوْمِ، قَالَ: وَكَانَ فِيمَا يَمْشِي وَأَنَا مَعَهُ يُقْبِلُ عَلَى فَيَعِظُنِي وَيُخْبِرُنِي أَنَّ لِي رَبًا، وَأَنَّ بَيْنَ يَدَيَّ جَنَّةً وَنَارًا وَحِسَابًا، وَيُعَلِّمُنِي وَيُذَكِّرُنِي نَحْوَ مَا يُذَكِّرُ القَوْمَ يَوْمَ الأَحَدِ حَتَّى قَالَ فِيمَا يَقُولُ: يَا سَلْمَانُ، إِنَّ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- سَوْفَ يَبْعَثُ رَسُولًا اسْمُهُ أَحْمَدُ، يَخْرُجُ بِتُهْمَةَ -وَكَانَ رَجُلًا عَجَمِيًا لَا يُحْسِنُ القَوْلَ- عَلَامَتُهُ إِنَّهُ يَأْكُلُ الهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ، بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمٌ، وَهَذَا زَمَانَّهُ الَّذِي يَخْرُجُ فِيهِ قَدْ تَقَارَبَ، فَأَمَّا أَنَا فَإِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ وَلَا أَحْسَبُنِي أُدْرِكُهُ، فَإِنْ أَدْرَكْتَهُ أَنْتَ فَصَدِّقْهُ وَاتَّبِعْهُ. قَالَ: قُلْتُ: وَإِنْ أَمَرَنِي بِتَرْكِ دِينِكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِ؟ قَالَ: اتْرُكْهُ فَإِنَّ الحَقَّ فِيمَا يَأمُرُ بِهِ، وَرِضَى الرَّحْمَنِ فِيمَا قَالَ. فَلَمْ يَمْضِ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى اسْتَيْقَظَ فَزِعًا يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى، فَقَالَ لِي: يَا سَلْمَانُ، مَضَى الفَيءُ مِنْ هَذَا المكَانِ وَلَمْ أَذْكُرُ أَيْنَ مَا كُنْتَ جَعَلْتَ عَلَى نَفْسِكَ. قَالَ: أخْبَرْتَنِي أَنَّكَ لَمْ تَنَمْ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ ذَلِكَ فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَشْتَفِيَ مِنَ النَّومِ، فَحَمَدَ اللَّهَ تَعَالَى وَقَامَ فَخَرَجَ وَتَبِعْتُهُ فَمَرَّ بِالمقْعَدِ، فَقَالَ المقعَدِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ دَخَلْتَ فَسَألْتُكَ فَلَمْ تَعْطنِي، وَخَرَجْتَ فَسَألْتُكَ فَلَمْ تَعْطِنِي، فَقَامَ يَنْظُرُ هَلْ يَرِى أَحَدًا فَلَمْ يَرَهُ فَدَنَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ: نَاوِلْنِي يَدَكَ، فَنَاوَلَهُ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ فَقَامَ كَأَنَّهُ أَنْشَطَ مِنْ عَقَالٍ صَحِيحًا لَا عَيْبَ بِهِ فَخَلَا عَنْ بَعْدِهِ، فَانْطَلَقَ ذَاهِبًا فَكَانَ لَا يَلْوِي عَلَى أَحَدٍ وَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي المقعدُ: يَا غُلَامُ احْمِلْ عَلَى ثِيَابِي حَتَّى أَنْطَلِقُ فَأَسِيرُ إِلَى أَهْلِي، فَحَمَلْتُ عَلَيْهِ ثِيَابَهُ وَانْطَلَقَ لَا يَلْوِي عَلَيَّ، فَخَرَجْتُ فِي إِثْرِهِ أَطْلُبُهُ، فَكُلَّمَا سَأَلْتُ عَنْهُ قَالُوا: أَمَامَكَ حَتَّى لَقِيَنِيَ رَكْبٌ مِنْ كَلْبٍ، فَسَألْتُهُمْ، فَلَمَّا سَمِعُوا الفَتَى أَنَاخَ رَجُلٌ مِنْهُمْ لِي بَعِيرَهُ فَحَمَلَنِي خَلْفَهُ حَتَّى أَتَوْا بِلَادَهُمْ فَبَاعُونِي، فَاشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ

<<  <   >  >>