مِنَ الأَنْصَارِ، فَجَعَلَتْنِي فِي حَائِطٍ لها، وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ أُخْبِرْتُ بِهِ، فَأَخَذْتُ شَيْئًا مِنْ تَمْرِ حَائِطِي فَجَعَلْتُهُ عَلَى شَيءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَوَجَدتُّ عِنْدَهُ نَاسًا، وَإِذَا أَبُو بَكْرٍ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَقَالَ: "مَا هَذَا؟ " قُلْتُ: صَدَقَةً. قَالَ لِلْقَوْمِ: "كُلُوا". وَلَمْ يَأْكُلْ، ثُمَّ لَبِثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ أَخَذْتُ مِثْلَ ذَلِكَ فَجَعَلْتُه عَلَى شَيءٍ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَوَجَدتُّ عِنْدَهُ نَاسًا، وَإِذَا أَبُو بَكْرٍ أَقْرَبَ القَوْمِ مِنْهُ فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ لِي: "مَا هَذَا؟ " قُلْتُ: هَدِيَّةً. قَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ" وَأَكَلَ وَأَكَلَ القَوْمُ. قُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذِهِ مِنْ آيَاتِهِ، كَانَ صَاحِبِي رَجُلًاَ أعْجَمِيًّا لَمْ يُحْسِنُ أَنْ يَقُولَ: تِهَامَةَ، فَقَالَ: تُهْمَة، وَقَالَ: اسْمُهُ أَحْمَدَ فَدُرْتُ خَلْفَة فَفَطِنَ بِي فَأَرْخَى ثَوْبًا فَإِذَا الخَاتَمُ فِي نَاحِيَةِ كَتِفِهِ الأَيْسَرِ فَتَبَيَّنْتُهُ، ثُمَّ دُرْتُ حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقُلْتُ: أَشْهَدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ. فَقَالَ: "مَنْ أَنْتَ؟ " قُلْتُ: مَمْلُوكٌ. قَالَ: فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثِي وَحَدِيثَ الرَّجُلِ الَّذِي كُنْتُ مَعَهُ وَمَا أَمَرَنِي بهِ. قَالَ: "لِمَنْ أَنْتَ؟ " قُلْتُ: لِامْرَأَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ جَعَلَتْنِي فِي حَائِط لَهَا. قَالَ: "يَا أبَا بَكْرٍ". قَالَ: لَبَّيْكَ. قَالَ: "اشْتَرِهِ". فَاشْتَرَانِي أَبُو بَكْرٍ -رضي اللَّه عنه- فَأَعْتَقَنِي، فَلَبِثْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَلْبِثَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ وَقَعَدتُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي دِينِ النَّصَارَى؟ قَالَ: "لَا خَيْرَ فِيْهِمْ وَلَا فِي دِينِهِمْ". فَدَخَلَنِي أَمْرٌ عَظِيمٌ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: هَذَا الَّذِي كُنْتُ مَعَهُ وَرَأيْتُ مَا رَأيْتُه، ثُمَّ رَأيْتُهُ أَخَذَ بِيَدِ المقْعَدِ فَأَقَامَهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، وَقَالَ: لَا خَيْرَ فِي هَؤُلَاءِ وَلَا فِي دِينِهِمْ، فَانْصَرَفْتُ وَفِي نَفْسِي مَا شَاءَ اللَّهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-:
{ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ}. . . إِلَى آخِرِ الآيِةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عَلَيَّ بِسَلْمَانَ". فَأَتَى الرَّسُولُ وَأَنَا خَائِفٌ، فَجِئْتُ حَتَّى قَعَدتُّ بَينَ يَدَيْهِ فَقَرَأَ: "بسم اللَّه الرحمن الرحيم" {بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute