فلا يحتمل أن يكون الدولابي سمع تلك الكلمة ممن يعتد بقوله وإلا لصرح به وصرخ به صراخًا، فإن كان سمعها ممن لا يعتد به فلم يكن له أن يحكيها على هذا الوجه، بل كان عليه أن يعرض عنها لعدم الاعتداد بقائلها أو على الأقل أن يصرح باسمه، وإن كان لم يسمعها من أحد وإنما اختلق ذلك فأمره أسوأ، وإن كان كنى بقوله: "غيره" عن نفسه كأنه أراد: "وقلت أنا" فالأمر في هذا أخف، وقد عرف تعصب الدولابي على نعيم، فلا يقبل قوله فيه بلا حجة مع شذوذه عن أئمة الحديث الذين لا يكاد هو يُذْكر معهم. اهـ. خامسًا: وأما تضعيف الأزدي فهو مردود؛ فالأزدي متعنت، وقد ضعفه البرقاني والخطيب وغيرهما، وقال الذهبي في "السير" (١٦/ ٣٤٨): عليه في كتابه الضعفاء مؤاخذات؛ فإنه ضَعَّف جماعة بلا دليل، بل قد يكون غيره قد وثقهم. قلت: وهذا منه، وقد ردَّ المعلمي تضعيف الأزدي فقال في "التنكيل" (١/ ٤٩٥): مع أنه إنما نقل كلام الدولابي وإن لم يصرح باسمه، والدليل على ذلك توافق العبارتين. سادسًا: أما ما انتقد عليه من أوهام وأخطاء فقد تتبع أشهرها ابن عدي في "كامله" والذهبي في "ميزانه" وهي بجنب ما روى قليلة؛ إذ أنه كان حافظًا مكثرًا معروفًا بالطلب، بل إن أحمد قال: أول من عرفناه يكتب المسند نعيم بن حماد. وقال الخطيب: يقال إن أول من جمع المسند وصنفه نعيم بن حماد. قال المعلمي: فلكثرة حديث نعيم عن الثقات وعن الضعفاء، واعتمادًا على حفظه، كان ربما اشتبه عليه ما سمعه من بعض الضعفاء بما سمع من بعض الثقات؛ فيظن أنه سمع الأول بسند الثاني فيرويه كذلك، ولو لم يخطئ، وروى كما سمع لتبين أنه إن كان هناك نكارة فالحمل فيها على من فوقه. قلت: ليس بلازم، فقد حمل الأئمة على نعيم وحده في جملة من حديثه، فلا يبرو مطلقًا، ولا يحمل عليه مطلقًا. وقد تتبع المعلمي رحمه اللَّه الأحاديث التي ساقها الذهبي في "الميزان" وفي مناكير نعيم ودفع الإعلال في بعضها بانفراد نعيم ثم قال بعد ذلك: فهذه هي الأحاديث التي ذكرت في "الميزان" في ترجمة نعيم، وقضية ذلك أنها أشد ما انتقد عليه، ومن تدبر ذلك وعلم كثرة حديث نعيم وشيوخه، وأنه كان يحدث من حفظه، وكان قد طالع كتب العلل، جزم بأن نعيمًا مظلوم، وأن حقه أن يحتج به ولو انفرد، إلا أنه يحب التوقف عما يكره مما ينفرد به، فإن غيره من الثقات المتفق عليهم قد تفردوا وغلطوا، هذا الوليد بن =