(فتىً لو ينادي الشمسَ ألقت قِناعَها ... أو القمرَ الساري لألقى المقالِدا)
وهذا وقول أبي الطمحان من الغلو، والغلو عند بعضهم مذموم وليس كذلك ولو كان مذموماً لما جعلوا هذين البيتين من أمدح ما قالت العرب وهما من الغلو على ما هما عليه، ومثل هذا الغلو قول طريح بن إسماعيل:
(أنتَ ابنُ مُسلنْطح البطاحِ ولم ... يضرب عليك الحنيّ والولج)
(لو قلت للسيل دع طريقك ... والموج عليه كالهضب يعتلج)
(لارتدَّ أوساخ أو لكانَ له ... في جانبِ الأرضِ عنك مُنعَرج)
وهذا من أعلى الغلو لأن السيل لا ترد وجهته هيبة ولا مخافة، والعرب تقول أجرأ من السيل فيهمز ولا يهمز والهمز من الجراءة وترك الهمز من الجري، ويقال في المثل لا أفعل كذا حتى يرد وجه السيل، وليس هذا الشعر بمختار الرصف واللفظ وإنما جئت به لمكان غلوه، ومن الغلو المشهور المستفيض الذي قبله الناس واستحسنوه ورووه بكل لسان قول أبي تمام في المعتصم: