للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - (فأما الذم والتهجين)

فمن بديع الاستعارة فيه قول أعرابي يذم رجلاً: يقطع نهاره بالمنى ويتوسد ذراع الهم إذا أمسى. ودخل أعرابي بغداد فقال فإذا ثياب أحرار على أجساد عبيد إقبال حظهم إدبار حظ الكرم شجر فروعه عند أصوله شغلهم عن المعروف رغبتهم في المنكر. وقال بعضهم لرجل استضاف بخيلاً: نزلتَ بوادٍ غير ممطور ورجل غير مسرور فأقم بندمٍ وارحل بعدمٍ. وقال أعرابي: أولئك قومٌ سلخت أقفاؤهم بالهجاء ودبغت جلودهم باللؤم فلباسهم في الدنيا الملامة وزادهم في الآخرة الندامة. وقال أعرابي لا تدنس شعرك بعرض فلان فإنه سمينُ المال مهزول المعروف من المرزوقين فجأة قصير عمر الغنى طويل حياة الفقر، ومن ههنا أخذ أبو نواس قوله:

(بما أهجوكَ لا أدري ... لساني فيكَ لا يجري)

(إذا فكّرت في عرضك ... أشفقتُ على شعري)

واستشارت امرأةٌ امرأةً في رجل تزوجه فقالت لا تفعلي فإنه وكلةٌ تكلة يأكل خلله. وكلة وتكلة بمعنى واحدٍ وهو الذي يتكل في الأمور على غيره ولا يقومُ فيها بنفسه والتاء في تكلة واوكما قيل تراثٌ وهو من ورث، والخلل ما يخرج من بين الأسنان عند التخلل وليس في اللؤم شئ من الكلام أبلغ من هذا. وقريبٌ منه قولهم فلان يثير الكلاب عن مرابضها، يريدون أنه من طعمه وشرهه يثيرها يطلب تحتها شيئاً قد فضل منها، ومن ذلك قول الشاعر:

(أمن بيتِ الكلابِ طلبتَ عظماً ... لقد حدثتَ نفسك بالمحال)

٣ - (في الشكر)

وكتب ابنُ المعتز في الشكر: قد جلت نعمتك عن شكري فتولى الله مكافأتك

<<  <  ج: ص:  >  >>