فقال هذا الأم بيت قالته العرب. والنزوع ههنا ردئ والجيد النزاع، وإنما جعل هذا البيت أبو دلف ألأم بيت قالته العرب لأنه يدل على قلة رعاية وشدة قساوة، وحنين الرجل إلى وطنه من المناقب التي يعتد بها ويمدح لأجلها لما فيه من الدلائل على كرم الطينة ووفور العقل، وقد قالت الحكماء: حنين الرجل إلى وطنه من علامات الرشدة. وقال بزرجمهر: من علامات العاقل بره بإخوانه وحنينه إلى أوطانه ومداراته لأهل زمانه، وقال أعرابي: لا تشك بلداً فيه قبائلك ولا تجف أرضاً فيها قوابلك وقالت العرب: أكرم الخيل أشدها جزعاً من السوط وأكيس الصبيان أشدهم بغضاً للمكتب وأكرم الصفايا أشدها حنيناً إلى أوطانها وأكرم المهارة أشدها ملازمة لأمهاتها وأكرم الناس آلفهم للناس. وقلت:
(إذا أنا لا أشتاقُ أرضَ عشيرتي ... فليسَ مكاني في النهى بمكينِ)
(من العقل أن أشتاقَ أولَ منزل ... غنيتُ بخفضٍ في ذراه ولين)