صفحاته، وقالوا المعاذير مكاذب، ويقولون مع ذلك لا عذر في رد الاعتذار والمعتذر من الذنب كمن لا ذنب له. وهذه خصلة لا يشركه فيها غيره، ولم يرو عن أحد قبل النابغة الذبياني في الاعتذار شعر فيه أجود منه، ومما نرويه له فيه قوله حين سعى به المنخل اليشكري إلى النعمان وزعم أنه غشي المتجردة حظية النعمان وذلك حين وصفها النابغة فقال:
(وإذا طعنتَ طعنتَ في مستهدفٍ ... رابي المجسةِ بالعبيرِ مقرمدِ)
(وإذا نزعتَ نزعت عن مستحصفٍ ... نزعَ الحزَوَّر بالرشاء المحصد)
فقال المنخل للنعمان هذا وصف من ذاقها. فوقر في نفس النعمان ثم وفد عليه رهط من بني سعد بن زيد مناة من بني قريع فأبلغوه أن النابغة ما زال يذكرها ويصف منها فأجمع النعمان على الإيقاع بالنابغة فعرفه ذلك عصام حاجب النعمان وهو الذي قيل فيه
(نفس عصام سَودَتْ عصاما ... )
فصار يتمثل به فيقال عصامي ليس بعظامي إذا كان يكسب المآثر لنفسه ولا يتكل على مآثر الأموات من أسلافه، ويقولون كن عصامياً لاعظامياً. فانطلق النابغة إلى آل غسان وكانوا قتلوا المنذر ولد النعمان فزادهم لحاق النابغة بهم حشمة ثم اتصلت به كثرة مدائح النابغة لهم فحسدهم عليه فأمنه وراسله في المصير إليه فصار وجعل يعتذر مما قرف به ومن مدحه لآل غسان في قوله: