(إذا عبَ فيها شاربُ القوم خلتهُ ... يقبلُ في داج من الليل كوكبا)
أخذه ابن الرومي فقال وأحسن:
(ومهفهفٍ تمتْ محاسنهُ ... حتى تجاوزَ منيةَ النفسِ)
(وكأنهُ والكأسُ في فمهِ ... قمرٌ يقبلُ عارضَ الشمسِ)
فجعل الشارب قمراً وليس هذا في بيت أبي نواس. وقال أبو نواس يذكر صفاء الخمر ورقتها وحبابها:
(فإذا ما اجتليتَها فهباءٌ ... يمنعُ الكفّ ما يبيحُ العيونا)
(ثم شجتْ فاستضحكت عن جمان ... لو تجمعنَ في يدٍ لاقتنينا)
(في كؤوس كأنهنَ نجومٌ ... دئرات بروجها أيدينا)
(طالعاتٌ مع السقاةِ علينا ... فإذا ما غرينَ يغربنَ فينا)
(لو ترى الشَّربَ حولها من بعيدٍ ... قلتَ قومٌ من قِرّةٍ يصطلونا)
وقلت في لطافة الخمر والزجاجة:
(قلتُ والراحَ في أكفَ الندامى ... كنجوم تلوحُ في أبراجِ)
(أمداماً فرطتم لمدام ... أم زجاجاً سبكتمُ في زجاح)
(وكأنَ النجومَ والليلُ داج ... نقشُ عاج يلوحُ في سقف ساجِ)
ومن أعجب ما قيل في صفائها قول الناشيء
(فليس شئ عندها إلا القذى ... )
وقلت:
(ومشمولةٍ دارت عليَ كؤوسها ... فرحتُ كأني في مدارِ الكواكبِ)
(أنازِعُها بدراً مع الليلِ طالعاً ... وليسَ بمردودٍ مع الصبحِ غاربِ)
(وقد شابَ لينا بالشماسِ وإنما ... تطيبُ لك الصهباءُ من كفَ قاطب)
وأنشدني أبو أحمد:
(فنبهتني وساقي القوم يمزجها ... فصارَ في البيتِ للمصباح مصباحُ)