للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

العلوي الخط لسان اليد. وقال جعفر بن يحيى: الخط سمط الحكمة به يفصل شذورها وينظم منثورها. وقلت في معناه:

(الكتبُ عُقلُ شوادرِ الكلم ... والخطُ خيطُ فرائدِ الحكم)

(بالخطَ نُظمَ كلُ منتثرٍ ... منها وفُصلَ كل مُنتظمِ)

(والسيفُ وهو بحيثُ تعرفُ ... فرضٌ عليه عبادةُ القلمِ)

واختلف الناسُ في الخط واللفظ فقال بعضهم الخط أفضل من اللفظ لأن للفظ يُفهم الحاضر والخط يفهم الحاضر والغائب. وقال بعضهم الخط كلامٌ ميت والمخاطب به حي يُمكن صاحبه أن يبصرهُ حتى بيلغ منه غرضهُ. وما أعاجيب الخط كثرة اختلافه والأصل واحدٌ كاختلاف صُور الناس مع اجتماعهم في الصفة وخط الإنسان كحليته ونعهت في اللزوم له والدلالة عليه والإضافة إليه كإضافة القافة الآثار إلى أصحابها. ومن أحسن ما قيل في حُسن الخط والشكل قول أحمد بن إسماعيل:

(مستودعٌ قرطاسهُ حكما ... كالروضِ مَّيز بينهُ زَهَرهُ)

(وكانَ أحرفَ خطهِ شجرٌ ... والشكلُ في أضعافهِ ثمره)

ووصف أحمد بن صالح جاريةً كاتبةً فقال كأن خطها أشكال صورتها وكأن مدادها سواد شعرها وكأن قرطاسها أديم وجهها وكأن قلمها بعض أناملها وكأن بيانها سحرُ مقلتها وكأن سكينها سيف لحظها وكأن مقطها قلب عاشقها. وقلت:

(وخط من التصحيح فيهِ معالمٌ ... من الحسن إذ يبدو عليه سبيبُ)

(يُعَبرُ عنه الروضُ وهو منمنمٌ ... ويخبر عنهُ الوشي وهو فشيبُ)

(سوادُ مدادٍ في بياض صحيفةٍ ... يقول شبابٌ بالمشيبِ مشوبُ)

(كأنَ ظلامَ الليلِ أذرَى دموعَه ... فظلَّت على خدَ الصباح تصوب)

ومن غريب ما قيل في الشكل ما أنشدناه أبو أحمد قال أنشدنا الصولي قال أنشدني عبد الله بن المعتز لنفسه:

<<  <  ج: ص:  >  >>