للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقيل لهندي ما البلاغة؟ فقال وضوح الدلالة وانتهاز الفرصة وحسن الإشارة. وقيل لآخر ما البلاغة؟ فقال تصحيحُ الأقسام واختيارُ الكلام. وقال الحسنُ بن سهل: البلاغة ما فهمتهُ العامة ورضيتهُ الخاصة. وقال عبيد الله بن عتبة: البلاغة دنو المتأخر وقرع الحجة وقليل من كثير. وروي هذا عن أكثم بن صيفي أيضاً. وقال ابن المقفع: البلاغة اسم لمعانٍ تجري في وجوهٍ فمنها ما يكون شعراً ومنها ما يكونُ سجعاً ومنها ما يكونُ خطباً ومنها ما يكون رسائل فعامة ما يكون هذه الأحوال فالوحي فيها والإشارة إلى المعنى أبلغُ والإيجازُ البلاغة. وتأويل هذا ما قدمناه. وقال غيره: البلاغة قولٌ يسير يشتمل على معنى خطير. وقال الآخر: البلاغة علمٌ كثير في قول يسير. وقال جعفر بن يحيى: البلاغة أن يكون الاسم محيطاً بمعناك ويجلي على مغزاك ولا تستعين عليه بطول الفكرة ويكون سليماً من التكلف بعيداً من سوء الصنعة بريئاً من التعقد غنياً عن التأمل. وقال أعرابي: البلاغة التقرب من معنى البغية والتبعد من حشو الكلام وقرب المأخذ وإيجازٌ في صوب وقصد إلى الحجة وحسن الاستعارة. وقال محمد بن الحنيفة: والبلاغةُ قولٌ مفقهٌ في لطف. وقال عليٌ رضي الله عنه: البلاغة إيضاحُ الملتبسات وكشف عوار الجهالات بأحسن ما يمكن من العبارات. ومثله قول الحسن بن علي رضي الله عنهما: البلاغةُ الإفصاحُ عن حكمةٍ مستغلقة وإبانة علم مشكل. ومثله قول محمد بن علي رضي الله عنه: البلاغةُ تيسير عسير الحكمة بأقرب الألفاظ. وقال ابن المقفع: البلاغةُ كشف ما غمض من الحق وتصوير الحق في صورة الباطل والباطل في صورة الحق. والذي قاله صحيح لا يخفى موقع الصواب فيه على أحد من أهل التمييز وذلك أن الأمر الظاهر الصحيح الثابت المكشوف ينادي على نفسه بالصحة ولا يحوج إلى التكلف لتصحيحه حتى يوجد العي فيه خطيباً وإنما الشأن في تحسين ما ليس بحسنٍ وتصحيح ما ليس بصحيح بضرب من الاحتيال والتخييل ونوع من العلل والمعاريض ليخفى موضع

<<  <  ج: ص:  >  >>