(تُطْوَى إذا عَلَوَا مكاناً جاسِياً ... وإذا السنابكُ أسْهَلتْ نَشَرَاها)
لا أعرف في صفة الغبار أحسن ولا أتم من هذا. وأما قوله في صفة قرن الظبي فليس له شبيه وهو من المشهور:
(يزجي أغنَ كأن إبرةَ روقهِِ ... قلمٌ أصابَ من الدَّواةِ مِدَادَها)
وقد أحسن الراعي في وصف الوعل:
(يرود بها ذبَ الريادِ كأنّه ... فتىً فارسيٌ في سراويل رامحِ)
ذب الرياد أي الوعل، ويرود يجئ ويذهب، شبه ما على قوائمه من الشعر بالسروايل وشبه قرنه بالرمح. وقال ابن المعتز:
(كأني على طاوٍ من الوحشِ ناشطٍ ... تخالُ قرون الأجلِ من خلفهِ غابا)
الأجل: القطيع من بقر الوحش، والغاب: الأجمة. وقال أيضاً:
(وجَرَتْ لنا سُنحاً جآذرُ رملةٍ ... تتلو المها كاللؤلؤ المتبدِّدِ)
(قد أطلعت إبَرَ القرونِ كأنها ... أخذ المَرَاود مِن سحيقِ الإثمِدِ)
وقال ابن المعتز:
(شغلته لواقحٌ ملأته ... غيرةً فهو خلفَهن كمىُ)
(قابضٌ جمعها إليه كما يجمع ... أيتامه إليه الوصي)
(كلما شم لاقحا سئ منها ... رأس فحلٍ برجِلها معليُّ)
(خارجٌ من ظلالِ نقع كما ... مزقَ جِلبابه الخليعُ الغويُّ)
(قد طواها التسويق والشدُّ حتى ... هي قبٌ كأنهن القسيُّ)
(هربت في رؤوسهن عيونٌ ... غائراتٌ كأنهن الركيُّ)
وقال أيضاً:
(كأن آثارَ أظلافِ الظِّباء به ... ودعٌ يخلِّفه أظلافهُ نسقُ)
ومن فصيح ما قيل في الكلب وبليغه قول أبي نواس:
(كأن لحييه على افترارهِ شكّ مساميرٍ على طوارِهِ)