للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لجرمه من الضب شبه ومن الفأر شكل ومن الورل نسبة ومن الدلدل سبب ولم أعمه عليك وهو أنقد ولذلك قيل من لم يذق غماضا ولم يرقد حثاثا بات بليلة الأنقد، وذكره الشهيم وهو الشيظم وأثناه عيمة معرفة لا يدخل الألف واللام عليها كتحوط ودجلة وكحل، ولا أعنيك هو القنفذ، ومن أحواله أن العرب تسلخ جلده فتخرجه كالشحمة البيضاء وتجعله من أنفس مآكلها وأفخر مطاعمها حتى تراه أرفع من الأفاعي وأنفع من الجرذان وتدعي جهلة الأعراب أنه من مراكب الشيطان وهو ألطفُ من الفرس حساً وأصدق سمعاً وقد جاء في المثل (أسمع من قنفذ) ومن أو ابده أنه يَسود إذا هرم ويصير كأبر ما يكون من الكلاب وأعظم ويشبهُ به ركب المرأة عقب النتف والنورة ولذلك قال ابن طارق في أرجوزة له:

(يصيرُ بعدَ حلقهِ ونورِتهْ ... كقنفذِ القفَ اختبى في فَروته)

ويشبه الساعي والنمام به لخبثه ومكره واضطرابه في ليله قال أيمن به خريم:

(كقنفذِ الرملِ لا تخفى مدارجهُ ... خبٌ إذا نامَ ليلُ الناسِ لم ينم)

وقال عبدة بنِ الطبيب:

(قومٌ إذا دَمسَ الظلامُ عليهم ... حدجوا قنافذَ بالنميمة تمرعُ)

وقال جرير:

(يَدبّون حولَ ركياتهم ... دبيبَ القنافذِ في العرفج)

فخذه يا سيدي ممتعاً واقبله شاكراً بري فيه فاحتط عليه احتياط الشحيح على ماله والجبان على روحه وارغب إلى الله تعالى في حفظه واسأله إطالة عمره وهو حسبي ونعم الوكيل. ولم أسمع في صفة الهرة أظرف من قول ابن طباطبا العلوي الاصفهاني قال فيها:

(أرِقتْ مُقلتي لحبَ عَرُوس ... طفلةٍ في الملاح غيرِ شموس)

(فتنتني بظلمةٍ وضياءٍ ... إذ بَدتْ لي كالعاج في الأبنوس)

<<  <  ج: ص:  >  >>