لم يتقدمها موعد ينتظر به تجحها لم تتجاذب الأنفس بسرورها ولم تتلذذ بتناولها وإن الوعد تطعم والإنجاز طعام. وليس من فاجأ طعام كمن وجد رائحته وتمطق له وتطعمه ثم طعمه فدع الحاجة تحتم بالوعد ليكون لها عند المصطنع حسن موقع ولطف محل وحلاوة ذوق. وأخبرنا أبو أحمد قال حدثنا الصولي قال حدثنا أحمد بن يزيد قال أخبرنا البحتري عن خارجة بن مسلم بن الوليد عن أبيه قال سألت الفضل بن سهل حاجةً فقال أسوفك اليوم بالوعد وأحبوك غداً بالإنجاز فإني سمعت يحيى بن خالد يقول المواعيد شباك الكرام يصطادون بها محامد الإخوان وإن كان المعطي لا يعد لارتفعت مفاخر إنجاز المواعيد وبطل فضل صدق القول. وقال عيسى بن ماهان لجلسائه إني أحب أن أهب بلا وعد وأحب أن أعد لأخرج بالإنجاز من جملة المخلفين وأدخل في عداد الوافين ويؤثر عني كرم المنجزين فإن من سبق فعله وعده وصف بكرمٍ فرد وسقط عنه جميع ما ذكرت. وأخبرنا أبو أحمد عن الصولي قال أخبرني عون بن محمد قال ذكر العتابي المأمون فقال إنه ألقح معروفه عندي بالوعد ونتجه بالنجح وأرضعه بالزيادة وشيبه بالتعهد وهرمه باستتمامه من جهاته وهنأه بترك الامتنان به. ومن عجيب ما جاء في الحث على الإنجاز ما حدثني به أبو أحمد عن الصولي عن يموت بن المزرع قال حدثنا عبد الصمد بن المعذل قال شكا رجلٌ جعفر بن يحيى إلى أبيه بأنه وعده ومطل به. فوقع: يا بني أنتم معاقل الأحرار ومظان المطالب ومعادن الشكوى فكونوا سواءً في الأقوال والأفعال فإن الحر يدخر وعد الحر ويعتقده وينفقه قبل ملكته فإن أخفق أمله كان سبباً لذمه واتهامه وسوء ظنه حتى يوارى قبح ذلك وحسن تقيته فأنجذ الوعد وإلا فقصر القول فإنه أعذر والسلام. وأخبرنا أبو أحمد عن الصولي عن محمد بن يونس عن الحميدي عن سفيان قال سمعت الزهري يقول: حقيق على من أزهر بالوعد أن يثمر بالفعل. ومن جيد ما مدح به المنجز قول أبي تمام: