(وما ضر وهب عيبُ من جحد الندى ... كما لا يضر البدرَ ينبحه الكلب)
فثنى له الوسادة وهش إليه ورفده وحمله وأضافه فلما أراد الرحيل وهو أشد خلق الله اغتباطا لم يخدمه أحد من غلمان أبي البحتري ولا عقب له ولا حل فأنكر ذلك مع جميل ما فعل به فعاتب بعضهم فقال إنما نعين النازل على الإقامة ولا نعين المرتحل على الفراق فبلغ ذلك جليلاً من القرشيين فقال والله لفعل هؤلاء العبيد أحسن من رفد سيدهم. ومن بليغ المعاني في المديح قول ابن الرومي:
(لعل من عاثر لك يا ابن يحيى ... يموتُ الكاشحونَ وأنت تحيا)
(على أن المماتَ لكل حيّ ... وقيتَ به من الحِدثان محيا)
وقال خلف بن خليفة:
(إن استجهلوا لم يغرب الحلمُ عنهمُ ... وإن آثروا أن يجهلوا عَظم الجهلُ)
(همُ الجبلُ الأعلى إذا ما تناكرت ... ملوكُ الرجالِ أو تخاطرتِ النزلُ)
(مواعيدُهم فعلٌ إذا ما تكملوا ... بتلك التي إن سُميت وَجب الفعلُ)
(ألم ترى أن القتلَ غالٍ إذا رضوا ... وإن غضبوا في موطن رَخُصَ القتلُ)
وقلت:
(لقد علمت يحيى موافية العلا ... فضائل آباء تلتها فضائلهُ)