للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البصيرة والخبرة التامة بصناعة الحديث، وذلك لأن الثقة يختلف حاله في الضبط باختلاف الأحوال والأماكن والشيوخ لخلل يطرأ في كيفية التلقي للأحاديث (١) ، أو لعدم توفر الوسائل التي تمكنه من ضبط ما سمعه من بعض شيوخه، أو لحدوث ضياع في بعض ما كتبه عن بعض شيوخه، حتى ولو كان من أثبت أصحابهم والزمهم له؛ ولهذا يستنكر النقاد بعض أحاديثهم، فاعلال النقاد لحديث بالتفرد يجب أخذه بنظر الاعتبار وعدم التسرع بالجواب الذي يقول فيه: ((بل هو ثقة لا يضر تفرده)) ذلك لأن التأمل في الرواية وكيفية السماع يمكن الناقد من الحكم الصحيح عليها بالقبول أو الرد (٢)

نموذج للتفرد وأثره في اختلاف الفقهاء: حكم الجمع بين الصلاتين في السفر (٣)

اختلف الفقهاء في حكم الجمع بين الصلاتين في السفر على أقوال:

القول الأول: قال الامام مالك، والشافعي، وأحمد في أصح الروايتين عنه، والهادوية من الزيدية يجوز الجمع بين الصلاتين تقديما وتأخيرا، الا أن المشهور عن الامام مالك أن الجمع انما يكون لمن جد به السير، أما النازل فلا يجوز له ذلك. وانما يصلي كل صلاة في وقتها.

القول الثاني: قال بعض الفقهاء لا يجوز الجمع بين الصلاتين بسبب السفر، وانما يجوز في موضعين فقط: يجمع الحاج بين الظهر والعصر تقديما يوم عرفة مع


(١) أنظر الباعث الحثيث ص٢٦.
(٢) أنظر ظفر الاماني ص٢٤٢ وما بعدها و ٣٢٣ وما بعدها، والحديث المعلول للمليباري ص٦٤.
(٣) الجمع بين الصلاتين هو أن يجمع المسافر بين الظهر والعصر في وقت أيهما شاء تقديما وتأخيرا، أي: بأن يقدم العصر فيصليها مع الظهر أو يؤخر الظهر فيصليها مع العصر، وكذا المغرب والعشاء (مسائل من الفقه المقارن: ١/١٧٤)

<<  <   >  >>