للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بأن حصر الضمان بالقيمة والمثل غير مسلم، فان الحر تضمن ديته بالابل وليست مثلا ولا قيمة، وقد يضمن المثل بالقيمة اذا تعذرت المماثلة كمن أتلف شاة لبونا فان عليه قيمتها ولا يجعل بأزاء لبنها آخر لتعذر المماثلة. ثم ان حكم المصراة انفرد بأصله عن المماثلة فلا يستغرب أن ينفرد بوصف زائد على غيره، والحكمة فيه أن هذه المدة التي يتبين بها لبن الخلقة من اللبن المجتمع بالتدليس غالبا فشرعت لاستعلام العيب، فظهر الفرق بين الخيار في المصراة وغيرها (١) .

واستدل المانعون للرد: بأن التصرية ليست من العيوب التي يحق للمشتري الرد بسببها ما لم يشترط؛ وذلك لأن البيع يقتضي سلامة المبيع، وقلة اللبن لا تعد من العيوب التي تعدم السلامة؛ لأن اللبن ثمرة وبعدمه لا تنعدم صفة السلامة فبقلته من باب أولى (٢) .

وأجيب: بأن الخيار انما يثبت للمشتري بالتدليس، وذلك لأن المشتري لما رأى ضرعا مملوءا باللبن ظن: أن ذلك عادتها، فكأن البائع قد شرط له ذلك، فاذا تبين له الأمر خلافه ثبت له الرد، لفقد الشرط المعنوي المذكور، وهذا هو التدليس لأنه يظهر ما يخفى، وهذا مقتضى العدل (٣) .

[المبحث السادس: اعلال خبر الآحاد بمخالفة اجماع أهل المدينة]

ان جمهور الفقهاء لم يشترطوا لقبول خبر الآحاد شيئا، لكن اشترط الحنفية أو بعضهم شروطا تكلمت عنها في المباحث السابقة، وقد اشترط المالكية شروطا أيضا سأتكلم عنها على شكل علل؛ لأن الحديث الذي لم يستوف شروطه فهو معلول لعدم


(١) أنظر فتح الباري ٤/٣٦٦.
(٢) المبسوط ١٣/١٣٩.
(٣) فتح الباري ٤/٣٧٩.

<<  <   >  >>