للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا هو الرأي المختار المتوسط الذي هو بين القبول والرد، فيكون حكم الزيادة حسب القرائن المحيطة بها حسب ما يبدو للناقد العارف بعلل الحديث وأسانيدها وأحوال الرواة بعد النظر في ذلك، أما الجزم بوجه من الوجوه من غير نظر الى عمل النقاد فذلك فيه مجازفة، وما أحسن كلام الحافظ الزيلعي - رحمه الله- حيث قال: ((فمن الناس من يقبل الزيادة مطلقا، ومنهم من لا يقبلها، والصحيح التفصيل، وهو: أنها تقبل في موضع دون موضع، فتقبل اذا كان الراوي الذي رواها ثقة حافظا ثبتا والذي لم يذكرها مثله أو دونه في الثقة، كما قبل الناس زيادة مالك بن أنس قوله: من المسلمين في صدقة الفطر واحتج بها أكثر العلماء، وتقبل في موضع آخر لقرائن تخصها، ومن حكم في ذلك حكما عاما فقد غلط بل كل زيادة لها حكم خاص يخصها)) (١) .

وقد قال لي العلامة الدكتور هاشم جميل:

من مجمل الأقوال ونصوص العلماء وتصرفات النقاد - يبدو لي- أنه يمكنا استخلاص اتجاه وسط ربما لا يكون بعيدا عن الصواب، وذلك اذا حررنا القضية على النحو الآتي:

الأصل في زيادة الثقة القبول، الا اذا قام الدليل على الرد، أو رجحت القرائن الرد أو التوقف؛ وذلك لأننا انما نتكلم عن زيادة الثقة، اذن فالزيادة شيء عرفه ورواه راو عدل ضابط، فلا نرده لمجرد أن غيره من الثقات لم يروه ولم يعرفه؛ وذلك لأن القاعدة: أن من عرف حجة على من لم يعرف، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ؛ لذلك قلت: بأن الأصل في زيادة الثقة القبول؛ ولو أطلقنا رد الزيادة لكان في ذلك مجازفة كبيرة؛ لأننا قد نرد جزءا من السنة من غير دليل؛ ومع ذلك فاننا لا ندعي


(١) نصب الراية ١/٣٣٦.

<<  <   >  >>