للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منكرة.

وثانيهما: أحاديث أعلت باسباب أخرى غير المخالفة: كمعارضة القرآن، أو نص صحيح متواتر أو تأريخ مجمع عليه فهذه لا تزول (١) ، ويبقى الحديث معلا.

فالعلل الظاهرة وهي التي سببها انقطاع في السند، أو ضعف في الراوي، أو تدليس، أو اختلاط تتفاوت ما بين الضعف الشديد والضعف اليسير، فما كان يسيرا زال بمجيئه من طريق آخر مثله أو أحسن منه، وما كان ضعفه شديدا فلا تنفعه كثرة الطرق، وبيان ذلك: أن ما كان ضعفه بسوء الحفظ أو اختلاط أو تدليس أو انقطاع يسير، فالضعف هنا يزول بالمتابعات والطرق، وما كان انقطاعه شديدا أو قدح في عدالة الراوي فلا يزول، قال الحافظ ابن الصلاح رحمه الله تعالى (٢) : ((لعل الباحث الفهم يقول انا نجد أحاديث محكوما بضعفها مع كونها قد رويت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة مثل: ((الأذنان من الرأس)) (٣) ونحوه، فهلا جعلتم ذلك وأمثاله من نوع الحسن، لأن بعض ذلك عضد بعضه بعضا كما قلتم في نوع الحسن على ما سبق آنفا؟ وجواب ذلك: أنه ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت فمنه ما يزيله ذلك؛ بأن يكون ضعفه ناشئا من ضعف حفظ راويه ولم يختل فيه ضبطه له، وكذلك اذا كان ضعفه من حيث الارسال زال بنحو ذلك، كما في المرسل الذي يرسله امام حافظ؛ اذ فيه ضعف قليل يزول بروايته من وجه آخر، ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك لقوة الضعف وتقاعد الجابر عن جبره ومقاومته ذلك كالضعف الذي


(١) كما في حديث الوضوء بالنبيذ عند الترمذي ج١/١٤٧ حديث ((٨٨)) .
(٢) علوم الحديث ص٣٠.
(٣) بل هو قوي , أخرجه أحمد ٥/٢٦٨ , وابن ماجه (٤٤٤) , والدارقطني ١/١٠٣ وذكر طرقه الزيلعي في نصب الراية ١/١٨ , وقد جمع الحافظ ابن حجر طرقه وأشار الى تقويته معقبا على تضعيف ابن الصلاح للحديث. النكت ١/٤١٠-٤١٥.

<<  <   >  >>