للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد لاحظ الجمهور: أن الحديث المذكور لا يجوز الاحتجاج به لطعن في عدالة الراوي؛ لذلك فالحجة لهم:

ما صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه)) (١) .

وفي لفظ لمسلم (٢) : ((لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب)) .

وفي لفظ لأبي داود (٣) : ((لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل منه)) .

وهكذا نرى أن النبي صلى الله عليه وسلم منع من الغسل في الماء الدائم كمنعه من البول فيه، فلولا أن ازالة الحدث بالماء يؤدي الى منع التطهر به لما نهى عنه.

فان قيل: حمل الأحاديث على هذا يؤدي الى القول بنجاسة الماء المستعمل في الطهارة من الحدث كنجاسة الماء الذي يبال فيه.

أجيب: بأن النهي عن الاغتسال في الماء الدائم يدل على أنه يؤثر في الماء وهذا الأثر هو المنع من التطهر به، أما اقترانه بالنهي عن البول فهذا يقتضي المشاركة في أصل الحكم لا في تفضيله (٤) ، والحاصل على عدم التسوية بينهما في كل شيء


(١) أخرجه الحميدي (٩٧٠) ، وأحمد ٢/٢٦٥، والدارمي (٧٣٦) ، ومسلم ١/١٦٢ رقم (٢٨٢) ، وأبو داود ١/١٨ رقم (٦٩) ، والنسائي ١/٤٩، وابن خزيمة (٦٦) من طريق محمد بن سيرين، عن أبي هريرة.
(٢) الجامع الصحيح ١/١٦٢ رقم (٢٨٣) .
(٣) السنن ١/١٨ رقم (٦٩) .
(٤) أنظر المغني ١/٢٠.

<<  <   >  >>