للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنفيرا؛ لغلبة الضِّنة بالأموال.

وكذلك لو وجب الجهاد في الابتداء لأباد الكفرة أهل الإسلام لقلة المؤمنين، وكثرة الكافرين؛ ولأنهم لو أذن لهم به لتصرفوا بحماس وشِرَّة، ولكل شِرَّة فترة، كما جاء في الحديث، وبذلك تفتر هممهم، وتضَعف عزائمهم.

وفي هذه التريية توجيه للمتحمسين من شباب اليوم، الذين يلوكون كلمة (الجهاد) وهم لا يفقهون فقهها، ولم يقرنوا هذا الفقه بالواقع، ومقايسة الواقع على قدراتهم وما يستطيعون!

ومن فوائد هذا التدرج المربي قوله - صلى الله عليه وسلم -:

"من قال لا إله إلا الله دخل الجنة"

فقد ذكر الترمذي أن الإمام الزهري سئل عن هذا الحديث، فإن ظاهره كفاية هذه الشهادة في دخول الجنة دون عمل، فقال الزهري، إنما كان هذا في أول الإسلام، قبل نزول الفرائض والأمر والنهي.

ومن المعروف المشهور أن الإسلام سكت عن شربهم الخمر؛ لتمكنها من عاداتهم، ثم أخذ في تحريمها على التدرج.

ومن ذلك نهيه عن زيارة القبور، وكانوا يعظمونها، فلما تمكنت العقيدة من قلوبهم أباحها.

ومن ذلك نهيه عن قراءة كتب أهل الكتاب ثم إباحتها، بقوله - صلى الله عليه وسلم -:

"حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج.

وقد نُقل إلى عبد اللَّه بن عمرو حمل بعير من كتب أهل الكتاب فقرأه، وطالع كثيرا من الكتب القديمة، وكان يكتب بالسريانية وبالعربية.

قلت: وفي هذا درس لمن يقولون: لا نقرأ غير الكتاب والسنة ولا نتعلم من اللغات غير العربية!!

وعلى هذه السنة التربوية والتشريعية جرى شأن زواج المتعة.

<<  <   >  >>