للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كان المبشر يقضي عشرات السنين في تبشيره فما يظفر إلا بفرد واحد، أولا يظفر بأحد.

ومن يستجيب له إنما يستجيب لما يقدم إليه من مال، وطعام وعلاج.

وما هذه بدعوة إنما هي خطاب للبطن!!

هذا هو واقع التبشير مع ما معه من أموال تمده، وجمعيات ترعاه، وحكومات تدعمه، وفي حالة نفسية سيطر فيها (الفوبيا) (١) على المبشرين.

وفي مقابل هذا كان الإسلام، وهو لم يظفر بمبشرين على نحو ما تيسر للمسيحية، وما ظفر به لم يكن من ورائهم جماعات ولا جمعيات، ولا حكومات.

ومع هذه الفوارق كان هناك التضييق الاستعماري على الإسلام، والطعن فيه على نحو لم يلتزم قواعد العلم والأخلاق، ثم كانت الثمرة زحف الإسلام مع فقده سلطانه السياسي والحربي، ذلك لأن الإسلام، بذاته، يخاطب العقل، ويمس الفطرة، فتجد فيه طلبتها، وجواب ندائها، وشوقها إلى مصدر الحياة، وحقيقة الكون والوجود، فتعلو به على مطالب الجسد والمال.

ولو راجعتم تاريخ الاستشراق، وتاريخ التبشير، منذ تراجع العالم الإسلامي عن مكانه، ونشاط الحركات الاستعمارية والتبشيرية - لو راجعتم هذا التاريخ لسخرتم من أنفسكم، ولضحكتم في أكمامكم - على نحو ما يقول المثل الأمريكي، حين زعمتم خوف المسلمين من التبشير في مكة والمدينة.

١٦ - وأختم جواب سؤالكم هذا بهذه الواقعة التاريخية لمن يبحث عن الحق والحقائق:

هذه الواقعة ذكرها (أليكي جورافسكي) في كتابه: (الإسلام والمسيحية) يقول ما خلاصته:

كان الحديث عن الإسلام، والتبشير بالمسيحية يعتمد على تشويه الإسلام، ووصف نبيه بالنبي المزيف، وتشويه سيرته، وتلوينها بكثير من الحكايات الخرافية (كما قال


(١) الفوبيا: مصطح في علم النفس يعنى: الخوف المرضي، ولقد سيطرت هذه الحالة المرضية على فئات اجتماعية وغيرها من الأوربيين بالمعنى الحرفي للمصطلح.

<<  <   >  >>