٧ - وأقول:
- هذا الوجود كله، أوله وآخره، ودنياه وأخراه، قائم على حقيقة واحدة، هي:
الإيمان بالله الخالق، ووجوب الاستقامة على أمره. واليقين في لقائه. وجزائه
للصالحين والطالحين.
- وثبوت اليوم الآخر، والفرق بين جزاء الصالحين والمفسدين - ضرورة عقلية، أقرها العقل، وقررها القرآن.
إننا نشاهد في الحياة الدنيا، وفي تاريخها: المستقيم والمعوج، والظالم والمظلوم، والمفسد والمصلح. . . إلى آخر هذه الأضداد، ثم نشاهد الظالم والمظلوم يطويهما الموت من غير نصفة ولا جزاء وقد استمتع الظالم بثمار ظلمه ومضى المظلوم بغصته وآلامه، وإضاعة إنسانيته وحقوقه..
فهل يعقل أن تنتهي حياتهما عند هذا الحد، وأمرهما كذلك؟
إن كان كذلك فما أسعد الطغاة والجبارين والظالمين
والمفسدين، وما أشقى المستضعفين!
لقد مضى الطغاة بطغيانهم وما استمتعوا به.
بينما مضى المستضعفون بضعفهم وما شقوا به، مضى الجميع بلا جزاء، بل جنى الظالم ثمار ظلمه مستمتعا، ومضى المظلوم بغصته وآلامه، فما أشقى الحياة!!
وما يستقيم هذا في منطق ولا عقل.
فالحياة الأخرى ضرورة عقلية وخلقية من هذا الوجه.
يقول اللَّه في القرآن: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ (٢٧) أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨) .
(إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (٣٤) أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦) .
إذا كان المؤمن المصلح خالدا في النعيم، فمن المنطق أن يكون الكافر المفسد في دارٍ مقابلة تقابل الجزاءين، فإذا كان الأول خالدًا في النعيم، فمن صحة المقابلة أن يكون الآخر مخلدا في الجحيم، هذا هو المنطق.
إن المؤمن آمن بالله الأول والآخر،