وأما عن المرأة، وأنتم تزعمون أنها بلغت عندكم سقف التكريم، فكان من تكريمها عندكم امتهانها في الإعلانات، وعلى واجهات المحلات، والمرأة الغربية لا تعرف السعادة الأسرية، وتفقد السكن والمودة والرحمة التي تتمتع بها المسلمة في بيتها.
يرى (مونتسكيو) أن مركز المرأة في مجتمعها هو مقياس الحضارة.
وهو يقول في (الرسائل الفارسية) التي ألفها في نقد المجتمعات الغربية، تلك المجتمعات الماجنة، والانحلال الخلقي للنساء الأوربيات، وانتشار الفسق والفجور. ..
٢ - فماذا عن مجتمع المسلمين؟
لا أتحدث عنه أيام مجده، وظله الممدود على أهل الأرض، فذلك يوم مشهود.
لا أتحدث عن ذلك اليوم المشهود، الذي حقق فيه المسلمون، في واقع الحياة لكل الإنسانية مثل الحق، والخير والجمال، يوم كان واقعكم في ظلمات بعضها فوق بعض - إنما أتحدث عن واقع المسلمين اليوم، وهو ما أشرتم إليه، واتخذتموه سخريا.
فإذا حكّمنا مقياس الإنسانية، ومقياس التبعة والمسئولية، رجح مجتمع المسلمين الحالي - على كل ما فيه - على كل مجتمع سواه، فهو مجتمع: يؤمن بالله الواحد، ولا يعبد المادة ولا الشهوات، ولا الأرقام ولا سيما رقمك البنكي.
وهو مجتمع تقوم فيه الأسرة خلية متعاونة صالحة لحمتها السكن والمودة والرحمة، وترعى فيها الذرية، وتربى على قيم الفضائل. ..
مجتمع يترابط فيه الأقارب بالمحبة والتواد، والتكافل المالي والاجتماعي والأدبي.
مجتمع يفرض فيه على الغني أن يرعى الفقراء بنسبة (اثنين ونصف في المائة) من ماله، فريضة بلغ من منزلتها أن كانت أحد أركان الإسلام الخمسة. مجتمع يتآزر على نوازل الأحداث، فوق فريضة الزكاة.
مجتمع يتآزر على إشاعة المعروف، ومنع المنكر، مجتمع تكرم فيه المرأة، لاتباع فيه أنوثتها باسم الحرية.
مجتمع يفرض فيه على الأسرة والأقارب أن يقوموا على الشيوخ والمرضى.
ولا يقذف بهم في دار المسنين.
مجتمع يعيش في سكينة الإيمان، فلا يجزع لحادثة، ولا يذل لفقر.
مجتمع تربطه رابطة الإيمان فيتكافل به المسلمون على تنائي الديار.
فهذه أعطيات أثريائهم تجوب آفاق بلاد المسلمين، وهؤلاء طلاب العلم من كل