للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه بعض تناقضات الأناجيل في مسألة: موقف المسيح من شريعة موسى، وهذه أمثلة، مجرد أمثلة، لنقضها، مع تأكيد الأناجيل على أنه لا ينقض حرفا منها!

ومن فوق المسيحية المحدثة فرقة (الأنتينومية) = نقض القانون.

مذهب فريق مسيحي، يؤمن أصحابه بأن تعاليم المسيح نسخت القانون التوراتي، وأن الإنسان أسمى من القوانين الأخلاقية

فلسنا ندري أجاء المسيح لتثبيت الناموس، أم جاء لنقضه؟

وهل جاء (الرسل) من بعد، على حد قول الأناجيل لتمحو ما لم يمح المسيح من الناموس، ولا ييقوا منه سوى تلك الأربعة:

الأصنام والدم والمخنوق والزنا.

إن الإبقاء على هذه الأربعة ليس بشيء إذا ما قيس بما اشتملت عليه شريعة موسى من تفصيلات سبقت الإشارة إليها.

وبهذا المحو يبقى الإنسان، ويبقى المجتمع بلا قانون.

وبهذا المحو ننتهي إلى (دين مثالي مجرد) ، مجرد عن مخالطة واقع الحياة.

ومثل هذا الدين لا يصلح قانونا، وهو في حالته تلك كالمثل العليا التي يحسن تسطيرها عقل الفلاسفة، وخيال الأدباء، مكانه الذهن، أو الوجدان، ولا صلة له بحياة الناس.

ومن البدهيات أن سلامة الدولة، واستقرارها، وأمن المجتمع، وكرامة الإنسان - كل ذلك لا يتحقق إلا بقانون يضبط حركة الناس، ويحقق: المصلحة والفضيلة، وهما القوتان المحركتان لنشاط الإنسان.

إن القانون، من حيث هو قانون، لا تتحقق ماهيته إلا إذا زاوج بين المصلحة

والفضيلة.

وبدون هذه الاثنينية لا تجد قانونا.

وإن النظر الدقيق لشريعة الإسلام، بل قل: النظرة العجلى، تبين حرصها على المصلحة والفضيلة معا.

إن (القانون) موضوعي. مغموس في السياسة والمجتمع، وهو - مع هذه الموضوعية

<<  <   >  >>