للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيان ذلك أنه إذا لم تر العين لم يشته القلب، أما إذا رأت العين فقد يشتهي القلب، وقد لا يشتهي، فالقلب عند عدم الرؤية أطهر، وعدم الفتنة حينئذ أظهر؛ لأن الرؤية سبب التعلق والفتنة، فكان الحجاب أطهر للقلب، وأنفى للريبة، وأبعد للتهمة، وأقوى في الحماية والعصمة "

رابعا: الحجاب عفة

رغَب الإسلام في التعفف (١) ، وعظَّم شأنه، وكان صلى الله عليه وسلم يأمر به، وَيَحُثُّ عليه، ففي الحديث أن هرقل سأل أبا سفيان: ماذا يأمركم؟ - يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم - ففال: قلت: يقول "اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة" (٢) .

وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: "أسألك الهدى والتقى والعفة" (٣) ، وفي لفظ آخر: "إني أسألك الهدى والتقى والعفاف " (٤) الحديث.

والعفة صفة من صفات الحور العين التي أشار إليها قوله تعالى: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ (٧٢) [الرحمن: ٧٢] ) ، وقوله عز وجل: (وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ أَتْرَابٌ (٥٢) [ص: ٥٢] ) ، وقوله جل وعلا: (وَعِنْدَهُمْ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) [الصافات: ٤٨] )

فقوله جل وعلا: (قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ) يعني: أنهن عفيفات لا ينظرن إلى


(١) العفة: حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة، والمتعفف: المتعاطي لذلك بضرب من الممارسة والقهر، انظر: "المفردات " للراغب (ص ٥٠٧) .
(٢) جزء من حديث طويل رواه البخاري (١/٤٣) في كتاب بدء الوحي وغيره، ومسلم في كتاب الجهاد، والإمام أحمد (١/ ٢٦٢- ٢٦٣) .
(٣) رواه الإمام أحمد (١/ ٣٨٩، ٤٣٤، ٤٤٣) .
(٤) رواه مسلم في كتاب الذكر، والترمذي في الدعوات، وابن ماجه في الدعاء، والإمام أحمد (١/٤١١، ٤١٦، ٤٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>