للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السفور مَطِيَّة الفجور

عن النواس بن سمعان عن رسول الله " أنه قال:

" ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تعوجوا وداع يدعو من فوق الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه فالصراط الإسلام والسوران حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله والداعي من فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم " (٢٨١) .

وعن حذيفة أنه قيل له: (في يوم واحد تركت بنو إسرائيل دينهم؟) قال: (لا ولكنهم كانوا إذا أمروا بشيء تركوه وإذا نهوا عن شيء ركبوه حتى انسلخوا من دينهم كما ينسلخ الرجل من قميصه) (٢٨٢) .

ومعلوم أن المعاصي تزرع أمثالها ويولد بعضها بعضاً حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها فكلما فرط من العبد معصية قالت أخرى إلى جانبها: (اعملني أيضاً) فإذا عملها قالت الثالثة كذلك وهلم جرا حتى تصير المعاصي هيئات راسخة وصفات لازمة وملكات ثابتة بحيث لو عطل المسيء سيئاته لضاقت عليه نفسه وضاقت عليه الأرض بما رحبت وأحس من نفسه أنه كالحوت إذا فارق الماء حتى يعاودها فتسكن نفسه وتقر عينه ولا يزال المسكين يألف المعاصي حتى ينسلخ من قلبه استقباحها فلا يستقبح من نفسه رؤية الناس له بل يحبها حتى يرسل الله عليه الشياطين تؤزه إليها أزاً فيكونون أعواناً عليه.


(٢٨١) رواه الإمام أحمد في مسنده عن النواس بن سمعان وأخرجه الترمذي والنسائي والحاكم وقال: صحيح على
شرط مسلم ووافقه الذهبي، قال الألباني " وهو كما قالا " (صحيح الجامع رقم ٣٧٨٢) .
(٢٨٢) رواه عن حذيفة أبو نعيم في الحلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>