"عندما تميد الأرض تحت أقدام الناس لا تجد بينهم من يستطيع تحديد موقفه ولا مصيره، إذ يكون الجميع مأخوذين بدهشة المفاجأة، - فليس لدى أحدهم فرصة لسؤال غيره، بل لا يخطر في بال أحد أن يسأل غيره. والعين التي تستطيع تسجيل هذه الحركة العامة يجب أن تكون خارج المجال، وفِى وضع معزول تماما عن تأثيره.
ويبدو أن العقل الذي صنع قصة جحا وهو يقطع الغصن في وضع معكوس إنما يريد إعطاء هذه الصورة.. صورة فقدان الوعي الذي يصاحب مثل هذه الحركة في مجالها العين، فجحا يقف على طرف غصن يعمل هو في قطعه من ناحية الجذع، دون أن ينتبه إلى حتمية السقوط الذي سيصير إليه، فإذا مر به من ينبهه إلى هذا المصير، الذي انتهى إليه فعلًا بعد قليل، نهض يعدو خلفه ليقول له: لقد عرفت أمر سقوطي قبل حصوله ... فلن أدعك حتى تنبئني بنهايتي متى تحين!
هذه الصورة تمثل واقع المرأة المسلمة اليوم، في اندفاعها المحموم وراء المجهول، الذي لم تجرب قط أن تسأل نفسها عن غايته ومحتواه.. وهو واقع لا يتاح التخلص من ضغطه إلا للإنسان الذي استطاع أن يعزل نفسه عن مؤثراته، ضمن حصانة من الفكر الحر المزود بمقاييس الطوارئ " (٤٥) .
(٤٥) "تأملات في المرأة والمجتمع" لمحمد المجذوب ص (٧-٨) .