للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

من مواقف الأم المسلمة

[في قرن وبعض قرن وثب المسلمون وثبة ملأوا بها الأرض قوة وبأسا وحكمة وعلما فراضوا الأمم وهاضوا الممالك وركزوا ألويتهم في قلب آسيا وهامات إفريقية وأطراف أوروبة وتركوا دينهم وشرعهم ولغتهم وعلمهم وأدبهم تدين لها القلوب وتنقلب بها الألسنة بعد أن كانوا فرائق بددا لا نظام ولا قوام ولا علم ولا شريعة.

ففي أي المدارس درجوا ومن أي المعاهد خرجوا؟

لقد قطع المسلمون تلك المرحلة التي سهم لها الدهر ووجم لروعتها التاريخ ولم يقيموا معهدا أو ينشئوا جامعة ... استغفر الله! بل لقد كانت خصاصهم وخيامهم ودورهم وقصورهم معاهد ومدارس وما شئت من مغارس حكمة ومغاوص آداب ولي أمرها أمهات صدق أقامهن الله على نشئه واستخلفهن على صنائعه وَائْتَمَنَهُنَّ على دعاة حقه ورعاة خلقه فكن أقوم خلفائه بواجبه وأثبتهن على عهده وأنهضهن بالفادح الشديد من أمره لقد كان الله سبحانه وتعالى أبر بهؤلاء القوم من أن يخرجهم مخرجا سيئا أو ينبتهم منبتا فاسدا أو يضمهم إلى صدور واهية وقلوب سقيمة ثم يسومهم أشرف مطالب الحياة ويوردهم أسمى مقاصدها.. لأن الأم من الأمة بمثابة القلب من الجسد فهي غذاء أرواحهم ومران أعوادهم ومفيض مداركهم ومبعث عواطفهم فإن وهنت كان كل أولائك ضعيفا لقد كانت نهضة المسلمين غريبة فريدة لأن المرأة كذلك كانت غريبة

<<  <  ج: ص:  >  >>