الحمد لله كما ينبغي لجلاله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله.
أما بعد:
فلا تزال قضية "الحجاب والسفور" تستقطب اهتمام المصنفين منذ فَتح بابَها "قاسم أمين " حتى اليوم، ولا تزال المطابع تقذف بالجديد من الإصدارات حول هذا الموضوع بين مؤيد ومُعارض، والجديد في هذا
"الجديد" أن بعض المصنفين من داخل الصف الإسلامي خاضوا فيه بأسلوب
ينتهي إلي موافقة "قاسم أمين " في القول بإباحة السفور، وإن سلكوا-
لإثبات ذلك- مسلكا يتنزه عن المقاصد الرديئة التي تلطخ بها "قاسم أمين " وشيعته من بعده، لكنه لم يسلم- في الوقت نفسه - من بعض التحفظات:
أولها: أن بعض المصنفين طوعت لهم أنفسهم استعمال مصطلحات "دخيلة" على الوسط العلمي، لم يعهد إطلاقها إلا في سياق الخطاب
العالماني الذي درج على وصف المتشرعين بالتطرف، والتشدد، والغلو، والتعصب.
الثاني: ضعف الملكة الفقهية، وغياب "الحِسِّ " الفقهي عند ربط حكم الحجاب بواقع المجتمعات الإسلامية المعاصر:
فهذا أحدهم يضيق ذرعًا بإعمال فقهاء المذاهب المتأخرين قاعدة "سد الذرائع " في هذه المسألة، قائلاً:".. حتى اشترطوا ذلك الشرط العجيب الذي لم يدل عليه دليل من كتاب ولا سنة، ألا وهو: شرط أمن الفتنة" اهـ.
وهذا أحدهم يبالغ في إهمال قاعدة "سد الذرائع " إلى حد القول بإباحة كشف الوجه والكفين من المرأة الجميلة، ولو خُشيت الفتنة، باعتبار السفور حقا مشروعًا لها.