للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فريدة.. وإذا كانت المرأة الحديثة قد أنصتت لـ " لنكولن " زعيم الجمهورية الأمريكية، وهو يقول لمهنئيه بمنصب من مناصب الدنيا: " لا تهنئوني، وهنئوا أمي فهي التي رفعتني إلى مقامي هذا "، فإن المرأة المسلمة كانت تستمع لأشباه هذا الكلام من أشباه " لنكولن "، فلا ينثني جيدها، ولا يهتز عِطفها لطول ما سمعته وألفته] (٤٣٦) .

ودونك هذه المواقف للأم المسلمة لترى مصداق هذا الحديث: بطل قريش يرتجف أمام أمه:

(لما كانت موقعة أحد أغرت هند بنت عتبة بحمزة بن عبد المطلب من خالسه فصرعه - وكان قد قتل آلها يوم بدر - ثم نفذت إليه فبقرت بطنه، ونزعت كبده، وجدعت أنفه، وصلمت أذنيه، وجاء بعدها أبو سفيان، فأخذ يطعنه بالرمح في فمه حتى مزقه ... انقضت الموقعة، وجثمان حمزة تكاد تَحيل معالمه لفرط ما مُثلَ به، فلما وقف به رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد حزنه لما أصاب عمه البطل الكريم، ووقف بنجوة منه، ثم أبصر فوجد عمته صفية بنت عبد المطلب مقبلة لتنظر ما فعل القوم بأخيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها الزبير بن العوام: " دونَك أمَّك فامنعْها "، وأكبر همه ألا يَجِدَّ بها الجزع لما ترى، فلما وقف ابنها يعترضها قالت: " دونك، لا أرض لك، لا أمَ لك! "

وهنالك رجفت أحناء بطل قريش، وزلزلت قدماه، واعتقل لسانه، وكَر راجعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه حديث أمه، فقال: " خَل سبيلها ".

كذلك انفرجت صفوف الناس لعمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسارت حَتى أتت أخاها فنظرت إليه، فصلت عليه، واسترجعت، واستغفرت له، وقالت لابنها: " قل لرسول الله: ما أرضانا بما كان في سبيل الله!


(٤٣٦) انظر: " المرأة المسلمة " لعبد الله عفيفي (٢/١٢٥ - ١٢٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>