بالنسبة للآخرين، فلا يحل لها كشفه عليه، ولا يحل له نظرها أيضًا، فلذلك كانت نساء الإسلام مصوناتٍ في بيوتهن، سيدات على غيرِهن.. ومن العادة أيضا العامة لسائر المسلمين، أنه لا يليق أن يسأل الإنسان عن حال زوجته، وإن كان هذا يُعَدُّ في بلاد الإفرنج من اللطافة والظرافة، لفقدهم الغيرة) اهـ (١) .
عود على بدء
إن الحجاب بمعناه الواسع يتناسب مع الغيرة المحمودة، وإن التبرج والاختلاط والخلوة المحرمة، وسائر أسباب الافتتان بالمرأة إنما تنتج عن عدم الغيرة وضعف الحمية.
ولو أن المرأة التزمت درجة الحجاب المثلي وقرَّت في بيتها، ولو أنها إذا احتاجت للخروج فخرجت، حجبت كل بدنها عن الأجانب، لما كان لهذه الفتن مكان في حياتنا.
ولو أننا تأملنا الواقع من حولنا لأدركنا أن بداية الفتتة إنما هي النظرة المحرمة على حد قول القائل:
نظرة فابتسامة فسلام ... فكلام فموعد فلقاء
فلو أسدل الحجاب علي وجه المرأة أيضا إذن لأخمدت الفتنة من أصلها، (وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ)[الأحزاب: ٢٥] ،.
ولقد سبق أن بَيَّنا أن من الغيرة المحمودة أنفةَ المحب، وحميته أن يشاركه
في محبوبه غيره، فإذا كان النظر المحرم إلى وجه المرأة وغيره هو "زنا العين " بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم نحتج إلى إثبات أن هذا النظر نوع من المشاركة فيما ينبغىِ أن يستأثر به الزوج، أو المحارم لأمن الفتنة من جانبهم.
(١) نقله عنه الدكتور السيد أحمد فرج في "المؤامرة على المرأة المسلمة"، ص (١٤١) .