للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر حكمة ذلك فقال: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) دل على وجود أذية إن لم يحتجبن، وذلك لأنهن إذا لم يحتجبن ربما ظُنَّ أنهن غير عفيفات

فيتعرض لهن من في قلبه مرض فيؤذيهن، وربما استهين بهن، وظُنَّ أنهن إماء فتهاون بهن من يريد الشر، فالاحتجاب حاسم لمطامع الطامعين فيهن.

(وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) حيث غفر لكم ما سلف، ورحمكم بأن بين لكم الأحكام، وأوضح الحلال والحرام، فهذا سد للباب من جهتهن، وأما من جهة أهل الشر فتوعدهم بقوله: (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي مرض: شك أو شهوة (وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ) أي المخوفون المرهبون الأعداء المتحدثون بكثرتهم وقوتهم وضعف المسلمين.

ولم يذكر المعمول الذي ينتهون عنه ليعم ذلك كل ما توحي به أنفسهم إليهم، وتوسوس به، وتدعو إليه من الشر من التعريض بسب الإسلام وأهله، والإرجاف بالمسلمين وتوهين قواهم، والتعرض للمؤمنات بالسوء والفاحشة، وغير ذلك من المعاصي الصادرة من أمثال هؤلاء (ِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ) أي نأمرك بعقوبتهم وقتالهم ونسلطك عليهم ثم إذا فعلنا ذلك لا طاقة لهم بك وليس لهم قوة ولا امتناع، ولهذا قال: (ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا) (١) "، اهـ.

* قول العلامة القرآني محمد الأمين الشنقيطي (ت ١٣٩٣ هـ) :

قال رحمه الله:

ومن الأدلة القرآنية على احتجاب المرأة وسترها جميع بدنها حتى وجهها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ) فقد قال غير واحد من أهل العلم: إن معنى (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ


(١) "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنَّان" (٦/ ١٢٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>