للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا حاذاهن الركبان فإذا جاوزوهن كشفن وجوههن - ورَوى وكيع، عن شعبة، عن يزيدَ الرِّشْك، عن معاذة العدوية قالت: سألتُ عائشة رضي الله عنها ما تلبسُ المحرمة؟ فقالت: لا تنتقب ولا تتلثم وتسدل الثوبَ على وجهها" (١) .

ثم ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى قول الذين يمنعون المحرمة من تغطية وجهها ورد عليهم إلى أن قال: فكيف يحرم ستر الوجه في حق المرأة مع أمر الله لها أن تدني عليها جلبابها، لئلا تُعرف ويفْتَتَن بصورتها" (٢) اهـ. وذكر الإمام ابن القيم أيضا في "بدائع الفوائد" سؤالَا في كشف المرأة وجهها في حال الإِحرام وجوابا لابن عقيل في ذلك، ثم تعقبه بالرد فقال: سبب هذا السؤال والجواب خفاءُ بعض ما جاءت به السنة في حق المرأة

في الإِحرام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يشرع لها كشف الوجه في الإحرام ولا غيره، وإنما جاء النصُّ بالنهي عن النقاب خاصة، كما جاء بالنهي عن القفازين، وجاء بالنهي عن القميص والسراويل.

ومعلوم أن نهيه عن لبس هذه الأشياء، لم يُرِد أنها تكون مكشوفة لا

تستر ألبتة بل قد أجمع الناسُ على أن المحرمة تستر بدنها بقميصها ودِرْعها، وأن الرجل يستر بدنه بالرداء وأسافله بالإِزار، مع أن مخرج النهي عن النقاب والقفازين والقميص والسراويل واحد، وكيف يُزاد على موجَب النص

ويُفهم منه أنه شرع لها كشف وجهها بين الملا جهارًا؟ فأي نص اقتضى هذا أو مفهومِ أو عموم أو قياس أو مصلحة؟


(١) وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "تلبس المحرمة من الثياب ما شاءت إلا ثوبَا مسه زعفران أو ورس، ولا تتبرقع، ولا تتلثم، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت ". رواه البيهقي (٥/ ٤٧) ، وغيره، انظر: "مسائل الإمام أحمد" لأبي داود (ص: ١٠٨-١١٠) .
(٢) انظر: "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (١/ ٢٢٢ -٢٢٣، ٢٧٦) ، "بدائع
الفوائد" (٣/ ١٤١-١٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>