للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [التوبة: ٣٠] .

* إنه قول بوار لا يصدر إلا ممن أكلهم الهوى، وأعجزهم البيان، فغفلوا عن حرمة أحق الذي أنزله علام الغيوب، ونسوا أن الله سبحانه وتعالى يحكم ولا معقب لحكمه، ويقضي ولا راد لقضائه (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ [الأنبياء: ٢٣] .

فما حكم الله به عدل، وما أخبر به صدق (وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ) [الأنعام: ١١٥] .

فقد حكم سبحانه بوجوب النقاب أو استحبابه على الأقل، وأخبر أنه أزكى وأطهر لقلوب المؤمنين والمؤمنات.

فحينما يأتي مرضى القلوب ويشغبون بهذه الأراجيف، فلا يمكن بأي حال أن يسوقنا هذا التخوف المحتمل من سوء استخدام النقاب إلى التخلي عن حكم الله عز وجل، وكل عاقل يفهم من سلوك المرأة التي تبالغ في ستر نفسها حتى أنها لا تبدي وجهًا ولا كفّا، فضلًا عن سائر بدنها أن هذا دليل الاستعفاف والصيانة، قال تعالى بعد الأمر بالحجاب: (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ) قال أبو حيان: "لتسترهن بالعفة، فلا يُتعرض لهن، ولا يَلقين ما يكرهن، لأن المرأة إذا كانت في غاية التستر والانضمام لم يُقْدَمْ عليها بخلاف المتبرجة، فإنها مطموع فيها" (١) اهـ.

وكل عاقل أيضا يعلم أن تبرج المرأة وإظهارها زينتها، يشعر بوقاحتها، وقلة حيائها، وهوانها على نفسها، ومن ثم فهي الأوْلى أن يساء بها الظن بقرينة مسلكها الوخيم حيث تعرض زينتها كالسلعة، فتجر على نفسها وصمة خبث النية، وفساد الطوية، وطمع الذئاب البشرية، ومن أوقع نفسه مواقع التهمة، فلا يلومن مَن أساء به الظن.

إن هؤلاء المنافقين مرضى القلوب فساق هذا الزمان الذين يتشدقون بأن


(١) "البحر المحيط" (٧/ ٢٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>